الهيني يكتب: السلطة القضائية.. الاستقلال المنقوص
بقلم: محمد الهيني (*)
إن استقلال السلطة القضائية المؤسساتي لن يكتمل وسيبقى ناقصا مالم يتم تحقيق اربعة اصلاحات استراتيجية مهمة في درب تعزيز الاستقلالية وتوطيدها وهي:
1_الاستقلال المالي للمحاكم
2 _ اشراف المجلس الاعلى للسلطة القضائية على المحاكم وقضاتها وموظفيها اشرافا كليا والمعبر عنه باستقلال المحاكم مؤسسات وقضاة وموظفين بدون استثناء
3_ إلغاء وزارة العدل وتعويضها بالوزارة المكلفة بالعلاقة مع السلطة القضائية .
4_اختصاص المجلس الاعلى للسلطة القضائية بإصدار كل النصوص التنظيمية لمرفق القضاء وكتابة الضبط وهو الاستقلال التنظيمي وبإعداد الميزانية .
والملاحظ ان سلوك الحكومة ازاء التقاعس عن اصدار مشاريع المراسيم والقرارات المتصلة بتدبير الجانب المالي للوظائف والمسؤليات القضائية او تفعيل الاستقلال المالي لمؤسسة النيابة العامة او المجلس الاعلى للسلطة القضائية او المحاكم كمؤسسات قضائية مستقلة، لا يمكن تفسيره الا في مسلسل التضييق على ولادة حقيقية للسلطة القضائية والرغبة في إخضاعها والتأثير عليها لتكون تابعة للسلطة التنفيذية بدون اي استقلالية تذكر. وبالتالي الحكم عليها بالفشل انتقاما من حلم الاستقلالية الذي طالما تمنينا أن نراه واقعا وحقيقة لذر الرماد في الأعين كما تبتغي الحكومة.
ومما لا شك فيه فإن توازن السلطات وفقا للدستور يقتضي تقسيم مالية الدولة على السلطات الثلاث بشكل متوازن ويفرض ان ينال القاضي أجر رئيس الحكومة كممثل للسلطة التنفيذية ورئيسي البرلمان كممثلي السلطة التشريعية. لكن ما نعيشه اليوم من التضييق المنظم والممنهج على السلطة القضائية واعضائها يثبت بقاطع عدم وجود اي نية للحكومة في تنزيل الاستقلال المالي وتحصين القضاة اقتصاديا واجتماعيا تبعا لمركزهم وكرامتهم وكرامة الرسالة التي يشغلونها لقطع الطريق على أي منفذ يمس تخليق مرفق القضاء ونزاهته والثقة المفترضة فيه.
وحاصل القول اليوم ان السلطة القضائية في مفترق الطرق ويراد تحجيم دورها من طرف حكومة العدالة والتنمية لاقبار استقلاليتها واهانة اعضائها لتكريس تبعيتها للسلطة التنفيذية، لاسيما ان كل الميزانية التي كان يتم توفيرها لوزارة العدل سابقا ابان رئاسة وزيرهم للعدل لها انقطع صبيبها اليوم وكانه يراد الانتقام من الفصل بين وزارة العدل والسلطة القضائية للحنين نحو التبعية.
فرغم تقديرنا لدور وزير العدل الحالي وحسن نيته في تدبير المرفق الا ان الحكومة غير مبالية باهمية توفير شروط استقلال السلطة القضائية وانضاج التجربة وانجاحها لصالح الاستقلال المؤسساتي المالي الحقيقي وليس الصوري، ولصالح ضمان كرامة القاضي ويدخل ضمنها تحصينه ماليا بمراجعة الاجور بشكل دوري وضمان حصوله على التعويضات عن الوظائف والمسؤوليات حتى يبت في القضايا ويحكم بضمير لأن الضمير وحده لا ينفع، فالاستقرار المادي هو عنوان الكرامة والضمير والثقة والاحساس بالمسؤلية لان الشجاعة لا تكفي اذا كان القاضي غير محصن من مغريات الوظيفة، فعلى الحكومة ان تحاسب نفسها في هذا المضمار
ولقد تثبت جليا من تنطع الحكومة وظلمها للسلطة القضائية انها تقول للقضاة ان الاستقلالية لا تنتج بالقانون وانما بإرادتي التي يمكنها أن تعصف بأي شيء طالما انها تملك مفاتيح الرزق ومصادر التمويل مما يجعل مطلب الاستقلال المالي للسلطة القضائية بجميع أجهزتها ومحاكمها وقضاتها وموظفيها اليوم هو الفيصل لاثبات الذات وقطع مداخل التأثير عليها وفي غيابه فإن الاستقلالية ليست سوى خدعة قد يصدقها الحالمون من أمثالي، لأن السلطة القضائية التي لا تمتلك حتى حق اقتناء قلم للمحاكم هي سلطة بدون اسم ولا مسمى.
(*) محام بهيأة تطوان
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…