خديجة جمال مع الملك الراحل محمد الخامس وممثلين آخرين
‫الرئيسية‬ فن وثقافة في الذاكرة.. خديجة جمال مسار حافل من مقاومة المستعمر إلى عوالم الفن والوفاة بالجزائر(2/2)
فن وثقافة - مسرح - 25 مايو 2020

في الذاكرة.. خديجة جمال مسار حافل من مقاومة المستعمر إلى عوالم الفن والوفاة بالجزائر(2/2)

 

الجديد نيوز: إعداد أسامة بيطار

مسار متميز وغير عادي، على الإطلاق، ذاك الذي بصمت عليه فنانتنا الراحلة التي ستكون موضوعا لهذه الحلقة من سلسلة “في الذاكرة”..

مسار نضال حقيقي رفضت صاحبته العيش تحت نير المستعمر، فسعت للوقوف في وجه، والانخراط في مقاومته من أجل دحر وإبعاده عن تراب الوطن.. وبعد رحلة الجهاد ضد المستعمر.. كانت رحلة العطاء الفني الذي انخرطت فيه مع أجيال مختلفة من الممثلين… إنها الفنانة الراحلة خديجة جمال.

وتعتبر الفنانة البيضاوية القديرة خديجة جمال (المزدادة بتاريخ 1935 – والتي فارقت دنيا الأحياء عام 2018) من الممثلات المحترفات الأوليات اللواتي وقفن أمام كاميرا السينما، أولا، إلى جانب أحمد الطيب العلج والطيب الصديقي والبشير العلج والعربي الدغمي، رحمهم الله ، في فيلم جان فليشي القصير “البير”(1954)، وثانيا، إلى جانب الراحلين حسن الصقلي ومحمد سعيد عفيفي في فيلم عبد العزيز الرمضاني “الرجوع إلى الأصل” (1962)، الذي شارك زوجها الجزائري الراحل محمد فرّاح (1921 ـ 2011) في كتابة سيناريوه إلى جانب المخرج، وكل هؤلاء الممثلون استفادوا من تداريب المعمورة المسرحية الشهيرة في مطلع الخمسينات من القرن الماضي.

خديجة جمال مع الملك الراحل محمد الخامس وممثلين آخرين
خديجة جمال مع الملك الراحل محمد الخامس وممثلين آخرين

بعد استقلال الجزائر رافقت خديجة زوجها إلى وطنه الأصلي حيث تفرغت لتربية أبنائها وبناتها ورعاية شؤون زوجها، الذي تقلد عدة مهام في بلاده وخارجها، وكان هذا هو السبب الرئيسي الذي أبعدها عن السينما والمسرح ، الذي عشقته ومارسته منذ أواخر الأربعينيات، أولا كهواية وثانيا كاحتراف بعد التحاقها بتداريب المعمورة.

وبعد عودتها إلى مسقط رأسها، الدار البيضاء، سنة 1988 لم يعد يعرفها أحد من الوافدين الجدد على ميادين الإخراج والتشخيص.

ولولا الدور الذي قام به الرائد المسرحي الراحل الطيب الصديقي، الذي كانت بدايته المسرحية والسينمائية معها ومع الرواد الآخرين، لما تم ربطها من جديد بأوساط الفنانين المغاربة في السينما والتلفزيون. وهكذا بدأت المرحلة الثانية من مسيرتها الفنية سنة 1990 بمشاركتها في مسلسل “أولاد عمي معاشو” للمخرج الراحل حسن المفتي، وبعده توالت الأدوار في أعمال سينمائية وتلفزيونية نذكر منها: “الطفولة المغتصبة” لحكيم نوري و”صلاة الغائب” لحميد بناني و”بيضاوة” لعبد القادر لقطع و”ضد التيار” لإدريس اشويكة و “علاش لاّ ” لمحمد إسماعيل و”بنت الشيخة” لعزيز السالمي و”الركراكية” و”محمد الحياني” لكمال كمال …

خديجة جمال مع زوجها محمد فراح المدير الفني آنذاك لفرقة المعمورة
خديجة جمال مع زوجها محمد فراح المدير الفني آنذاك لفرقة المعمورة

إلا أن الحضور البارز الذي جعل المغاربة يتعرفون عليها من جديد، بعد غيبتها الطويلة، تمثل في سيتكوم “للا فاطمة” بأجزائه الثلاثة من 2001 إلى 2003، من إنتاج القناة الثانية دوزيم، حيث شخصت دور الحاجة إلى جانب الممثلين الكبار محمد الخلفي وسعد الله عزيز وزوجته خديجة أسد وغيرهم.

بعد هذا السيتكوم جاءت مساهمات أخرى تفاوتت قيمتها ومدتها من عمل لآخر نذكر منها بالخصوص المسلسل الناجح “وجع التراب”، الذي صور بنواحي سيدي قاسم، وهو من إخراج وبطولة شفيق السحيمي إلى جانب أسماء فنية أخرى كمحمد بسطاوي وأمين الناجي وغيرهما، والسلسلة الهزلية “عبد الرؤوف والتقاعد”، الذي تقاسمت بطولته مع الفنان الشعبي عبد الرحيم التونسي، وهي من إخراج محمد ليشير وأعمال أخرى …

خديجة جمال في أحد أدوارها الفنية
خديجة جمال مع زوجها محمد فراح المدير الفني آنذاك لفرقة المعمورة

وفي التأريخ للظهور النسائي بالسينما يقول الباحث والناقد السينمائي “أحمد سيجلماسي” أنه “ظهرت في السينما، منذ المرحلة الكولونيالية، ممثلات هاويات ومحترفات مغربيات كالأمازيغية الأمية “يطو بنت لحسن”، التي شاركت على وجه الخصوص في الفيلمين “عرس الرمال” (1948) للمخرج الفرنسي أندري زوبادا و”الوردة السوداء” (1949) للمخرج الأمريكي هنري هاطاوي، وقبلها السلاوية المتعلمة ليلى فريدة، التي تألقت في العديد من المسرحيات والبرامج الإذاعية بباريس قبل أن تقتحم السينما الكولونيالية من خلال مشاركتها في أفلام “ياسمينة” (1946) لجان لورديي و”المجنون”(1946) لجان باستيا و”منتصف الليل، زنقة الساعة الحائطية لجان لورديي  سنة 1947 وغيرها. وقبلهما شاركت ليلى عطونة سنة 1930 في فيلمي جاك سيفراك “وردة السوق” و”عاصفة في مراكش”.

جدير بالذكر أن المرأة المغربية لم تقتحم، مبكرا، عوالم التشخيص المسرحي والسينمائي بحكم الطابع المحافظ جدا للمجتمع المغربي ونظرته التبخيسية والتحقيرية أحيانا للممارسة الفنية عموما. ولم يكن غريبا في النصف الأول من القرن العشرين إسناد أدوار النساء في الأعمال المسرحية إلى ممثلين رجال (حالة الكوميدي بوشعيب البيضاوي نموذجا)، إلا أن الاستثناء شكلته بعض النساء الجريئات اللواتي دفعهن عشقهن لفن التشخيص إلى تحدي أسرهن وتجاوز عاداتها وتقاليدها المحافظة. ومن هذه الفئة كانت فنانتنا الراحلة خديجة الكانوني، التي اشتهرت باسم خديجة جمال، التي توفيت بالجزائر، حيث يقيم أبناؤها وبناتها ، يوم سادس أكتوبر 2018، واسمها الحقيقي خديجة الكانوني، فيما اشتهرت بلقب خديجة جمال نظرا لتشابهها الكبير، إبان شبابها، مع الراقصة والممثلة المصرية سامية جمال، وقد توفيت الراحلة عن سن يناهز 83 سنة.

صورة تؤرخ لمرحلتين من عمر الفنانة الراحلة
صورة تؤرخ لمرحلتين من عمر الفنانة الراحلة
التعليقات على في الذاكرة.. خديجة جمال مسار حافل من مقاومة المستعمر إلى عوالم الفن والوفاة بالجزائر(2/2) مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول

تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…