مشاهدات ذ. الرحيبي: من ذكْريات الطفولة.. ليْلة القدر في باديتنا قديماً
بقلم: ذ. حسن الرحيبي
منْ أجمل ذكرياتي في الطفولة البعيدة “ليلة القدر” ، أو “ليلة 27″ ، كما كنّا نسميها في القرية، في بداية الستينات . حيث كنا نستعدّ لهااستعداداً خاصّاً ، عندما نلْبسُ أسـوأ الملابس . لم يكنْ ما هو أسوأ من ملابسنا في ذلك الزمان . ولكن في تلك الليلة نلبس أسوأ منهااستعداداً لطقوس الإحراق . أي إلقاء أعواد الثّقاب المشتعلة على الخصم لإحراق ملابسه الرثة. لا ندري لماذا هذه العادة ؟ فنحنُ محروقونأصـلاً .
ولكننا نضطر في تلك الليلة للحصول على ريّال، أو 5 قروش لشراء علبة وَقيد، مشهورة بالسبع المغربي، من أجل خوْض حرب ضارية ضدأقراننا طيلة الليلة الفاضلة.
مع الحرْص على عدم ارتياد الأماكن المتسخة حيث يلقى بالرماد، بسبب الإعتقاد بإطلاق سراح العفاريت وأفراد الجنّ من سجونهم، حيثيكونون مكبلين بسلاسل عاتية.
مما يضطر الأهالي لشراء أنواع البخور المجلوبة من الشرق، وخاصة الجّاوي، وحصا اللبان.
كما تعمل النساء على شراء ” الفاسوخ” لإبطال مفعول أي عمل سحري في حقهن من طرف حاسداتهن في الدوار ، دون نسيان إرسال علبةمن الشمع للمسجد، وقالب من السكّر .. بهدف التبرك من دعوات الفقهاء الصالحة، كيْ ينجح أبناؤهن في امتحان الشهادة الإبتدائية، الذيكان يشكل العَقَبة الرئيسية أمام الأطفال، إذ يشكل الحد الفاصل بين متابعة التعليم الإعدادي، ثم الثانوي، والحصول على وظيفة لدىالمخزن: معلم أو دركي أو شرطي أو ممرض…
هذا أقصى ما يمكن أن يطمح له أبناء القرى في ذلك الزمن الصعب.. ثم زيارة الأولياء، خاصةً مولايْ ماريغْ وسيدي عبد العزيز بَنـيفّو… معمحاولة أخرى في ليلة القدر لقضاء الحاجات الصعبة، أقلها النجاح، وأقصاها الغنى والثراء، إذا استطعتَ مراقبة مرور “سيدْنا قْمرْ أوقـدر” الذي يشقّ السماء من المشرق إلى المغرب، بسرعة الضوء، بحيث لا يترك لك الفُرصة، لتلاوة تمنياتك، وسرد حاجاتك…!
هذا إذا لم تنْبهر بسطوعه القوي، وفلـقه لسطح السماء، فتقعد ملوماً محسوراً.. أو تتمنى أمنية لم تكن على البال في لحظة انبهار .. كطلبالزّلط أو الفقر أو السقوط في الامتحان بدون قدر ..!
كما وقع للسطاهر ولد سي عباس . فظل مزلوطاً إلى أن مات لأنه لم يستعد جيداً لتلك اللحظة وتمنى عكس ما يريد…
لقد ظلت عمتي المسكينة تنتظر مرور سيدنا قدر طول عمرها، دون أن تحصل منه على شيء، بعد أن عاشت لمدة قرن كامل. فتلك الليلةحاسمة في نيل المراد، وعليك التفكير جيداً فيما تريد قوله، مع الإنتباه الجيد كي لا تصيبك شرارة عود ثقاب طائشة، وأنت في لحظة خشوعوتأمل.
كل هذا لا ينسينا الدخول للمسجد، وأداء بعض الركعات خلف طائفة من المصلين والمقرئين الذين عليهم التباري لتلاوة القرآن الكريم بمجملأحزابه في تلك الليلة، بدون الإحساس بالعياء أو النوم.. مع التوقف في بعض اللحظات لإلتهام بعض لقمات الكسكس، قبل أن يأتي العبديوأتباعه، الذين لم يكن يأتي بهم للمسجد، سوى الأكل الوفير في تلك الليلة المباركة.
مع سماع من فترة إلى أخرى بعض خصومات السي المصطفى من أجل إقتسام قراطيس الشمع وقوالب السكر .
في النهاية تبدأ لحظة السواك والكحل، حيث يعمل سي أحمد الشفناج وسي حنّون على تنظيم ذلك المهرجان التجميلي للأطفال، لأنه منالسنّة النبوية.
في الصباح نتباهى بكم أحرقنا من أسمال محروقة أصلاً بدون نار ، ونقوم بإحصاء الخسائر والمفقودين والمحروقين.
وكم أصبحتْ أسناننا جميلة بفعل السواك السحري، والإثمد النبوي.
تدور السنَة، نزور الأولياء.. ولا ننْجح ، فنتعلل بكون طلبنا لسيدنا قْدرْ لم يكن صحيحاً.. وعلينا تلاوته في السنة المقبلة بشكله الصحيح،وبدون نسيان ولا تلعثم . حتى يستطيع سيدنا قـدر فهم ما نقول..!!
كل سنة وأنتم طيبين
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…