بوزفور يكتب عن: حلم ولد قدور
بقلم: أحمد بوزفور
( إلى الصديق: أحمد العناني )
رأيتُني أجري هابطا في ( الطالعة الصغرى ) بفاس، على الأرض المبلطة بالأحجار. الطريق خالية تقريبا، وأنيقة، وعلى جانبيها مكتبات مفتوحة، تنبعث منها موسيقى خافتة. ولا ترى فيها ــ مثل ( الطالعة الكبرى ) ـــ دكاكين الحرفيين، وحمير البضائع، وزحام المتسوقين، ولا تسمع فيها ( بلاك… بلاك ). وأنا أجري.. وأنا أجري.. وأنا أجري.. وأنادي على ( ولد قدور ) الذي يسبقني بعشرات الأمتار: ( آخالي ). وكأن صوتي نشاز رديء في سمفونية الحروف والأنغام من حولي، وكأن العابرين القلائل ينظرون إليّ في دهشة واستهجان.. ولكنني لا أبالي، وأتابع صياحي: ( آخالي ). وكأنه سمعني، فوقف ورد عليّ:
( آش كاين آلخزيبي؟ )، فقلت له بعد أن لحقتُه:
ـــ وجدتُ الصندوقة
ـــ حقا؟ أرني
وكأن بين يديّ صندوقةً صغيرة من ( الكاسيتات )، وكأنني وضعتُ الصندوقةَ على دكة حانوت مغلق، وأخذنا ( ولد قدور وأنا ) نتصفح الكاسيتات:
( لعلوة وماليها.. والصلاح اللي فيها ).. ( على مكتوبي.. ).. ( يومك يا لاربعا. كان موسم ولى حركة ).. ( ما عندي ركابي.. لدوك العكَابي ).. ( وانا بغيت الكرموس.. من الكاليتوس ).. ( لمن الديارُ بقنَّة الحَجْرِ )
وكأني استغربتُ وجود الأغنية الأخيرة في صندوقة ولد قدور، فأخرجتُها وأخذت أقرأ الكلمات المكتوبة على الغلاف بصوت مسموع على ولد قدور، وهو يستمع مبتسما ابتسامة العارف:
( لِمَنِ الديارُ بقُنَّةِ الحَجْرِ = أَقْوَيْنَ مُذْ حِـجَجٍ ومـذ دهـرِ
لعب الرياحُ بها وغيَّرها = بعدي سَوَافي المُورِ والقَطْرِ
قفرٌ بمندفع النحائت من = ضَفْوَيْ أولات الضَّالِ والسِّدْرِ )
قلتُ له: هذه الأغنية لمعبد. وليست لك
ـــ هي لي حين كان اسمي ( معبد ). وقد أعطاها لي صاحبها زهير بن أبي سلمى، فلحنتُها وغنيتها.
ـــ كيف يعطيها لك زهير وهو مات قبل أن تولد؟ هلا قلت ( حماد الراوية )، فحماد هو صاحبها الحقيقي. ولكنه نحلها لزهير.
ـــ في الفن يتداخل الأشخاص. لقد أبدع كلماتِ هذه الأغنية زهيرُ بنُ أبي سلمى وهو في جسد حماد، الذي عاش بعد معبد، وغنيتها أنا ( ولد قدور )، وقد حل في جسدي ( معبد ) الذي ولد قبل ( حماد ). هل فهمت؟
ـــ إذن أنت هو معبد؟
ـــ يا ابن أختي. مال راسك قاسح؟ كم أعلّم فيك ولا تتعلم. لقد كان اسمي في الزمن القديم ( أخنوخ )، ثم أصبح ( داود )، ثم ( ابن حَذَام )، ثم ( جرادة )، ثم (معبد)، ثم ( إبراهيم )، ثم ( سلامة )، ثم ( الحسين )، ثم أخيراً ( ولد قدور ).
ـــ ثم؟
ـــ ثم أنت.. لو كنت تفهم وتَذُوق.
ـــ ومن أنت الآن وأنت تتكلم معي؟ معبد أو أحمد؟
ـــ أنا نص. نسيجٌ خيوطُه من أزمنة مختلفة. لكنني ( نص ) في النهار فقط.. في الليل أكون كاملا. وفيه أبدع، فأنا في الليل مبدع وفي النهار إبداع. في الليل ( قدور ) وفي النهار ( ولد قدور ).
ـــ ومن هو قدور هذا؟
ـــ هو كل المغنين والمغنيات الذين مروا في سالف الدهر، وقد تجمعوا في شخص واحد، وأعطوه كل طاقاتهم، فلم يعد قادرا فقط، بل بات ( قَدُّوراً ).
ـــ وأنت ولده؟
ـــ إلى بغيتي
ـــ ويلا ما بغيتش؟
ـــ ايلا ما بغيتش.. طلع تاكل الكرموس
ـــ من الكاليتوس؟
ـــ قطعوه يا ولدي. لم تبق كاليتوسة واحدة في البلد. كلشي الآن ( حلوف كرموس )
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…