الدافري يكتب عن: قصة كفاح لاعبة المنتخب سكينة أوزراوي الديكي
بقلم: محمد الدافري
سكينة أوزراوي الديكي هي اللاعبة المغربية ضمن المنتخب المغربي النسوي لكرة القدم، ذات 24 سنة، التي فازت بجائزة أفضل لاعبة في مباراة نصف نهاية كأس أمم إفريقيا سيدات ضد منتخب غانا، بعد أن تألقت في أدائها، وسجلت في الدقيقة 55 هدف التعادل، الذي سمح بأن تصل المباراة إلى الشوطين الإضافيين، لتظل النتيجة على حالها 1-1، قبل أن يحسمها المنتخب المغربي لفائدته بواسطة ركلات الترجيح، ويتأهل لملاقاة المنتخب النيجيري في المباراة النهائية.
أنا لا أعرف شخصيا عائلة أوزراوي، والد سكينة.
لكني أعرف معرفة جيدة أفراد عائلة الديكي بمدينة القصر الكبير، ومن بينهم السيدة ثريا الديكي والدة سكينة، وشقيقها سي محمد الديكي الذي كان واحدا من اللاعبين البارزين في كرة القدم بالمدينة، ولعب طوال ثمانينيات القرن الماضي ضمن الفريق التاريخي في المدينة، النادي الرياضي القصري، وكان لاعبا صلبا وقوي البنية، يلعب في وسط الدفاع، وربما تكون سكينة ابنة أخته قد ورثت منه عشق كرة القدم.
السيدة ثريا والدة سكينة هي الابنة ما قبل الأخيرة في أسرة الديكي المقيمة بحومة النيارين بمدينة القصر الكبير، والتي كانت تتكون من خمس إناث وذكرين، ومن والدتهم السيدة فاطمة، ووالدهم الراحل الذي كان يمتهن التجارة في ستينيات القرن الماضي، قبل أن يتوفاه الله وهو مازال في منتصف الأربعين من عمره، ليترك الأم السيدة فاطمة وأبناءها وبناتها بدون معيل.
لم تستسلم السيدة فاطمة لفجيعة فقدان زوجها. بل شمرت عن ساعديها وبدأت تمتهن بيع بعض المواد الاستهلاكية في أسواق المدينة وضواحيها.

لقد كانت السيدة فاطمة شخصية معروفة في المدينة، وكانت نموذجا للمرأة القوية المكافحة التي لا يجرؤ أحد على أن يتعامل معها في تجارتها بشكل فيه تجاوزات.
كانت السيدة فاطمة أرملة الراحل الديكي في منتهى الجدية، وتفرض شخصيتها على الجميع، وكان يساعدها أحيانا في العمل، البعض من أبنائها وبناتها، ومنهم الابنة نعيمة والابن عبد القادر.
بعد فقدان الأب، تعرضت أسرة الديكي لفجيعتين اثنتين.
توفيت الابنة البكر، وبعدها توفي الابن عبد القادر.
وفاة الابنة والابن أثرا كثيرا على وجدان السيدة فاطمة المكافحة المناضلة التي تألمت كثيرا، وتعرضت لأزمة صحية، وأصبحت طريحة الفراش، إلى أن توفاها الله في بداية الألفية الحالية.
أفراد أسرة الديكي، كانوا كلهم، وإلى اليوم، يمتازون بملامح وسيمة، متناسقة، وبعيون عسلية، تميل نحو الاخضرار، وفيهم البعض من جاذبية والدتهم الراحلة السيدة فاطمة.
سي محمد الديكي كان مجنونا بعشق كرة القدم. أحبها إلى درجة أنه فضلها على مواصلة الدراسة، وتفرغ لها تماما.
الابنة، السيدة نعيمة كانت تساعد والدتها في تجارتها.
أما شقيقتها الأصغر منها، السيدة ربيعة الديكي، فقد تمكنت من الحصول على عقد عمل في إسبانيا وهاجرت إلى برشلونة، قبل أن تلتحق بها شقيقتها الصغرى ثريا الديكي في برشلونة، التي تزوجت هناك بالسيد أوزراوي وأنجبت منه الطفلة سكينة.
ظلت الابنتان ربيعة وثريا المقيمتان خارج أرض الوطن، وفيتين لبيت الأسرة في حي النيارين بالقصر الكبير (الصورة) ، المؤدي إلى ساحة السويقة حيث يوجد مسجد زاوية مولاي عبد القادر الجيلالي، وحيث كانت توجد سينما بيريس كًالدوس، وهو حي موجود في منطقة الشريعة العريقة، بالمدينة العتيقة، التي تضم عددا من الأحياء الشهيرة، منها حي المرس، حي الجامع السعيدة، حي المطيمر، حي لالة عايشة الخضرا، حي المجولين، حي الهري، وحي سيدي بوحاجة.
كانت السيدة ربيعة الديكي والسيدة ثريا الديكي حريصتين على المجيء إلى بيت الأسرة كل صيف، لصلة الرحم مع الأهل والجيران.
وبما أن فجائع الدهر لا تضرب فقط مرة واحدة أو مرتين، فقد رُزئت أسرة الديكي بفقدان خامس.
بعد فقدان الأب، وفقدان الابنة البكر، وفقدان الابن عبد القادر، وفقدان الأم السيدة فاطمة، ها هي السيدة ربيعة تنتقل هي الأخرى إلى دار البقاء فجأة وعلى حين غرة، في بيت الأسرة بمدينة القصر الكبير في الليلة نفسها التي كانت ترتب فيها حقائبها من أجل العودة إلى إسبانيا في الصيف، بعد جائحة كورونا.
رحمها الله وجازاها خيرا عن كل ما قدمته لفائدة أسرتها.
سكينة أوزراوي ابنة السيدة ثريا الديكي، مارست في طفولتها رياضة الجمباز في برشلونة وهي في السادسة
من عمرها، لكن في 12 من عمرها بدأ يظهر ميلها نحو كرة القدم، وذلك بعد أن هاجر والداها إلى بروكسل ببلجيكا.
التحقت سكينة بفتيات فريق راسينغ وايت دارين
مولينبيك، وهو أحد فرق مدينة بروكسل، وتفوقت داخله، فلعبت ضمن منتخب بلجيكا للفتيات في فئة أقل من 15 سنة وفئة أقل من 16 سنة، وفي سنة 2018 وهي في 17 من عمرها، انتقلت ألى اللعب ضمن فريق أندرلخت النسوي الذي بقيت فيه أربعة مواسم سجلت فيها 8 أهداف، فأعارها أندرلخت إلى فريق بروج في 2022، فسجلت له في موسم واحد 11 هدفا، ثم عادت إلى فريق أندرلخت في 2023 وسجلت له 11 هدفا، قبل أن تنتقل إلى اللعب ضمن فريق تينيريفي الإسباني في موسم 2024-2025.
سكينة أوزراوي الديكي فتاة محافظة على روابطها العائلية، ولديها علاقة قوية مع أفراد أسرتها، ومنهم خالها سي محمد الديكي، الذي تزوره في حي النيارين بالقصر الكبير رفقة والديها خلال فصل الصيف.
الطريف في أمر زيارات سكينة إلى مدينة القصر الكبير رفقة والدتها خلال فصل الصيف، أنها قبل أن تصبح لاعبة معروفة في المنتخب الوطني المغربي سيدات، كانت تخرج يوميا من بيت جدتها الراحلة فاطمة الذي يقيم فيه خالها سي محمد، وهي مرتدية لباسها الرياضي، وكانت تبدأ في الركض انطلاقا من باب البيت، وتقطع مسافة طويلة جريا عبر أرجاء المدينة، حفاظا على لياقتها البدنية في عز الصيف، فكان عدد من ساكنة الحي يستغربون من ذلك، ويعتبرون أنها فتاة غير طبيعية.
قصة أفراد عائلة سكينة من جهة أمها السيدة ثريا الديكي، هي قصة كفاح ونضال، وهي نموذج لقصص أشخاص فتحوا عيونهم في الحياة ولم يجدوا في أفواههم ملاعق من ذهب، فاضطروا أن يتعبوا ويجتهدوا لإثبات وجودهم في عالم يعج بالمعاناة.
بمزيد من التألق والتفوق لبطلتنا المغربية سكينة أوزراوي الديكي، وبارك الله في أهـلها.
عبد النباوي يستقبل رئيس هيئة النزاهة الاتحادية بجمهورية العراق
استقبل مَحمد عبد النباوي، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة ا…