أسية الوديع: سيرة خالدة ونموذج إنساني في ذكرى رحيلها الثانية عشر
تحل الذكرى الثانية عشرة لرحيل أسية الوديع، الشخصية التي تركت بصمة عميقة في ميادين حقوق الإنسان وإصلاح العدالة بالمغرب. اسمها اقترن بتحقيق قفزات نوعية في مجالات عدة، وبالأخص في مجال أنسنة السجون، وجعلت من هذه المهمة حجر الزاوية في مسارها الحافل، مما أكسبها تقديرًا وثقة على أعلى المستويات.
على مدى مسيرتها، شغلت الراحلة أسية الوديع مناصب بارزة في مؤسسات حقوقية عدة، أبرزها مؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وقد كانت أيضًا قاضية ملحقة بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، حيث أثبتت من خلال عملها أن إصلاح العدالة لا يقتصر على تطوير الأنظمة، بل يمتد إلى تمكين الأفراد من حياة كريمة وإعادة تأهيلهم للاندماج في المجتمع.
تحت إشراف أسية الوديع، قادت مؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء جهودًا استثنائية لوضع أسس تحول عميق في كيفية تعامل المغرب مع السجناء. أضحى مفهوم “أنسنة السجون” مشروعًا وطنيًا يعكس رغبة حقيقية في مراجعة السياسات الجنائية. ففي عهدها، تم التركيز على تحسين أوضاع السجناء، وتوفير فرص إعادة التأهيل، واعتماد سياسات تعزز كرامة الأفراد داخل السجون. وشهد المغرب بفضل جهودها ودعم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، انطلاقة لأوراش إصلاحية رائدة تهدف إلى تطوير السياسة الجنائية.
تصدرت أسية الوديع جهود إرساء بدائل للعقوبات السالبة للحرية، وتطوير التشريعات التي تراعي حقوق الطفل في حالات عدالة الأحداث. أسهمت بشكل مباشر في ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وسعت إلى وضع آليات جديدة مثل التخفيض التلقائي للعقوبة للسجناء الذين يظهرون سلوكًا حسنًا، وتبسيط آليات الإفراج المقيد. كما أن جهودها كانت تستهدف إدخال إصلاحات جذرية في المساطر القضائية، حيث كانت تعتبر أن تطوير القوانين هو السبيل الأكثر فعالية لتعزيز التحول الحقوقي في المغرب.
لم يكن إسهام أسية الوديع مجرد إصلاحات قانونية وتشريعات، بل كان له طابع إنساني رفيع. كان حضورها قويًا في كل مبادراتها، حيث تعاملت مع السجناء كأفراد يحتاجون إلى الفرصة للتغيير وإعادة بناء حياتهم. كان الجانب الإنساني في تعاملها مع السجناء والمستفيدين من برامج الإدماج بارزًا، وقد لُقبت بكونها أملاً للعديد من الذين أتاح لهم عملها فرصة ثانية.
تمر السنوات، ولكن تظل ذكرى أسية الوديع متقدة في قلوب كل من عرفوها وعملوا معها. إنها مثالٌ يحتذى به، وشخصية لا تتكرر، تركت إرثًا من الإصلاحات الإنسانية والحقوقية في مسار العدالة بالمغرب. وفي ذكراها الثانية عشرة، نرفع الدعوات لروحها الزكية بالسلام والرحمة، ونواصل تقدير إرثها وإكمال المسيرة التي بدأتها لتحقيق مجتمع أكثر إنسانية وعدالة. رحم الله أسية الوديع، وألهمنا السير على خطاها لتحقيق مجتمع يعزز كرامة الإنسان وحقوقه.
أم وائل
وفاة شاب كان رهن الحراسة النظرية لدى امن مولاي رشيد
علم لدى ولاية أمن الدار البيضاء، أن شخصا يبلغ من العمر 36 سنة، كان موضوعا رهن إشارة بحث قض…