نيني يكتب عن: القمح أم الفريز..؟
الجديد نيوز: بقلم شيد نيني
أقفلت بورصات القمح بداية هذا الأسبوع على سعر 322,50 أورو للطن في الأسواق الأوربية، وبسبب إغلاق الموانئ الأوكرانية فتصدير القمح متوقف مما يعني حرمان العالم من حصة أوكرانيا من صادرات القمح عالميا والتي تبلغ 12 بالمائة.
من نتائج هذا الوضع على المغرب أن سعر القمح ارتفع إلى أعلى مستوى منذ 13 عامًا بفعل الجفاف أولا وثانيا وبفعل وقف الإمدادات من روسيا وأوكرانيا.
“عبرة الزرع” عند “الكيالا فالرحبة” وصلت 150 درهما من بعد ما كانت لا تتعدى 75 درهما. أي أن القنطار تجاوز 600 درهما.
هذا الوضع يفرض علينا كدولة لحظة تأمل من أجل التفكير الجدي والسريع في إجراء تعديل عميق في اختياراتنا وأولوياتنا الفلاحية، بمعنى آخر هل سنستمر في المراهنة فقط على المنتجات المدرة للربح على ظهر المواد الفلاحية الأساسية في تغذية الشعب ؟ بمعنى أوضح هل سنعطي للمواطنين الفريز لكي يغمسوا به المرق إذا ما استمر توقف صادرات أوكرانيا من القمح واضطر المصدرون الآخرون للتركيز على مخزونهم الاستراتيجي والتوقف عن التصدير؟
علينا أن نتخلى قليلا عن تفاؤل وزير الفلاحة وأن نكون واقعيين وأن نذهب بعيدا في تخيل أسوإ السيناريوهات لما قد سيسر نحوه العالم من مجاهل وأهوال بسبب هذا الاصطدام بين القوى النووية.
لذلك علينا أن نفكر في كل الخطط والحلول التي ستجعل منا بلدًا مكتفيا بذاته فيما يتعلق بالمواد الغذائية الأساسية، وهذا يفرض علينا التخلي عن نموذج فلاحي كان صالحا لمرحلة وظهر أنه لا يصلح لتحقيق هذه المهمة الاستراتيجية.
بالأمس كنا نشتري القمح من الأسواق العالمية بسعر منخفض وكان إنتاج القمح محليا يكلفنا ضعف سعر استيراده، اليوم تغير الأمر فأصبح سعر القمح محلقا في السماء وصار إنتاجه داخليا أقل كلفة من استيراده.
ولولا أن الدولة تفرض على أرباب المطاحن اقتناء كوطا من القمح المحلي لاستورد هؤلاء كل حاجيات المغرب من القمح من الخارج نظرا لأن سعر الاستيراد كان إلى حدود هذا الشهر أرخص من اقتنائه من السوق الداخلية.
علينا اليوم التفكير في الزراعات التي تحقق الاكتفاء الذاتي للسوق الداخلية في مادتي القمح والشعير. نعم إنه من الجيد الاستثمار في الفواكه الحمراء والأفوكا والفواكه الاستوائية للتصدير وجلب العملة لكن عندما تكون هناك أزمة فالأولوية تصبح هي القمح والشعير والذرة وبقية المنتجات التي تدخل في نظام التغذية الأساسي للشعب.
على وزارة الفلاحة أن تعمل على تشجيع الفلاحين على زراعة القمح والشعير لجعلها نشاطات فلاحية ذات جاذبية، فالفلاح المغربي لا يربح سوى القليل من هذه الزراعات
وحاليا تشتري التعاونيات الفلاحية القمح الصلب من الفلاحين بسعر 230 درهما للقنطار، ولأن الحكومة تربح عندما تستورد وليس عندما تشتري من الفلاح فقد كانت تشتري القنطار من القمح الصلب من الأسواق العالمية بسعر 170 درهما القنطار . اليوم أصبح القنطار الواحد من القمح يصل إلى 350 درهما والسعر مرشح للارتفاع.
الفلاح المغربي حاليا إذا زرع هكتارا من القمح فلن يزيد مدخوله سبعة آلاف درهم، أما أرباحه فلن تزيد عن ألف درهم، إذ لا يزيد محصوله عن 25 قنطارا عن كل هكتار.
في المغرب هناك خمسة مليون هكتار مخصصة لزراعة القمح، وهي مساحة قليلة جدا. والحل الوحيد لتشجيع الفلاحين على زراعة القمح هو خفض تكلفة الانتاج، لأن نسبة كبيرة من أرباح الفلاح تضيع في كلفة الإنتاج، كتكاليف كراء آلات الحصاد التي تكلف ما بين 4000 و5000 درهم عن كل هكتار.
هناك أشياء كثيرة يمكن أن تساعد بها الدولة الفلاح الصغير ، منها تقديم مساعدات في الحرث بالتراكتور، في البذور والأدوية والخيش والقنب والأسمدة.
كما يجب تشجيع الفلاحين الصغار على الدخول في تعاونيات للقطع مع ثقافة “حرث ليتامى” حيث كل فلاح يحرث قطعة صغيرة منعزلة ويرفض التعاون مع الآخرين.
يجب أيضا وقف جشع وحوش العمران الذين يجتاحون الأراضي الصالحة للزراعة خصوصا في الشاوية ودكالة والحوز.
ولولا أن الدولة تفرض على أرباب المطاحن اقتناء كوطا من القمح المحلي لاستورد هؤلاء كل حاجيات المغرب من القمح من الخارج نظرا لأن سعر الاستيراد كان إلى حدود هذا الشهر أرخص من اقتنائه من السوق الداخلية.
علينا أن نستغل الشراكة المغربية الإسرائيلية لنقل الخبرات التقنية الفلاحية من إسرائيل إلى المغرب، فمؤخرا توصلوا لإنجاز زراعي يحول الصحراء إلى منجم من ذهب عبر إنبات الكمأ في قلب الصحراء التي لدينا منها آلاف الهكتارات، ونظراً لندرة هذا المنتوج فإن أسعاره عالية جدا، اذ يتراوح سعر الكيلو من “كمأ الصحراء” بين 200-50 دولار. أليس هذا أحسن من زراعة الدلاح التي اغتنى من ورائها حفنة من الفلاحين وتسببت في تجفيف المياه الجوفية في مناطق لا يجد فيها الناس ما يشربون ؟
سيقول قائل إنني أتحدث عن تحويل المغرب لبلد رائد في إنتاج القمح والشعير والذرة كما لو أن الأمطار لا تكف عن التساقط، نحن لسنا في أوكرانيا يا عزيزي. نعم نحن بلد إفريقي يعاني من جفاف بنيوي ولسنا بلدا فلاحيا بالمعنى الحديث للكلمة، لأننا نعتمد على التساقطات الموسمية.
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…