الإبراهيمي يكتب: هل فشلنا في التواصل و إقناع غير الملقحين..؟؟
الجديد نيوز: بقلم عز الدين الإبراهيمي
عطفا على تدوينة “نحن الملقحون”… وفي وعد للحديث عن غير الملقحين… أكتب هذه التدوينة و تساؤلي هو كيف سنقنع المغاربة بالتلقيح بالجرعة الثالثة و قد فشلنا في إقناع الآلاف من المغاربة للتلقيح بالجرعة الأولى و الثانية؟
في البداية يجب أن أعترف بأن غير الملقحين المغاربة ليسوا أبدا بجاهلين ولا أنانيين بل هم فقط مترددون في اتخاذ القرارات الطبية لأن هذه الخيارات غالبًا ما تكون معقدة وتمسنا في وجودنا وكينونتنا… وبأني أؤمن إيمانا راسخا بثقافة الاختلاف وبأنها ليست بالضرورة ظاهرة غير سليمة… لأن الإجماع ليس حتما ظاهرة صحية… والنقد في كثير من الأحيان أجدى وأنفع…
يجب أن نقر أن غير الملقحين مواطنون سواسية كالملقحين في حب الله والوطن و الملك. وبأن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يترددون في تلقي اللقاح لا يلتزمون بقضية معادية للعلم وليس لديهم أجندة خفية سياسية و لا مؤامرتيه… و لكنهم ببساطة مترددين في اختيارهم لأخذ الحقنة من عدمه… وأن كورونا كانت فاجعة أتت بإكراهات لا تنتهي وزادت من تدافعاتنا السابقة بشحنة نفسية قاصمة…
وبما أننا نعيش في حالة استعجالية ونفسية متدهورة… يصعب التواصل بيننا مما جعلنا، نحن ذوي الاختصاص، لا نوفق في إقناعهم بالتلقيح… فيا ترى ما أسباب هذا الإخفاق… وعلاش مقدرناش نتواصلوا معكم بسهولة…
وعموما يفشل الشخص في التواصل عندما يكون الموضوع شائكا، أو المخَاطِب غير متمكن من أدوات التواصل أو يجهل هوية المخَاطَب الذي يحاول التواصل معه… فما بالك إذا كانت كل هاته المعيقات مجتمعة… وهذا هو واقع حال التواصل اللقاحي كما سأفصله…
ما أصعب بيداغوجية التواصل الصحي...
تعتبر بيداغوجية التواصل الصحي من أصعب البيداغوجيات الموجهة إلى الساكنة العامة… فبالفعل يمكنك أن تناقش وبسلاسة ميادين متعددة كالرياضة والسياسة والفن… ويصعب هذا كلما تعلق الأمر بالأمور الصحية والطبية لأنها تعتمد في تبيانها على كثير من المعطيات الفنية والتقنية…
وهنا تلعب الثقة دورا كبيرا بين المخَاطِب والمخَاطَب… لأننا نتكلم عن صحة الإنسان ووجوده كمخلوق بشري… وهذه ثقافة جديدة نؤسس لها من خلال تبسيط المعطيات وتتطلب منك كمختص التواضع بأفكارك لإيصالها للجمهور العريض وحتى يتفهمك ويهضمها المواطن العادي…
وللأسف فهذا التسويق الاجتماعي التحسيسي يتطلب مهارات لا يكتسبها كل أصحاب الاختصاص ومدبري الأمر العمومي… وهنا يجب أن نعترف…
نعم… لقد كان التواصل المؤسساتي ضعيفا
بالفعل لا يمكن إقناع الناس إلا بفتح قنوات النقاش… واستعمال طرق تواصلية ناجعة… وليس فقط ببيانات للوزارة الوصية… لم يؤثث لها من قبل وغالبا ما تفتح الباب على مصراعيه لتأويلات متعددة ومتناقضة… ولا سيما أن البعض يرى اللقاح كإكراه… ونحن نعرف أن الفرد يكره الإكراه… ويطلب ويطالب بالشفافية والأرقام والمعطيات قبل قبول أي قرار فوقي…
أتفق معكم بأن إصدار بلاغ دون مقدمات لا يمكن اعتباره تواصلا بالمرة… ولا سيما إذا لم يكن دقيقا ولم يؤسس له مسبقا… وغالبا ما يأتي بعد ذلك بلاغ لرفع اللبس الذي غالبا ما يزيد من اللبس… فنفقد بهذا التواصل الملتبس بعضا من مصداقيتنا ومن ثقة العامة فينا… وحلها يا من وحلتيها بعد ذلك… ومما زاد الأمر عسرا، أن هذه المؤسسات غير متمكنة من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة…
عدم التمكن من وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مرتعا خصبا للتشكيك...
والحقيقة… فبجانب الوباء، فنحن نحارب “وباءً معلوماتيًا” شرسا على الأنترنيت… فالبفعل، لم يكن لكل المشككين أثر لو لم توجد منصات التواصل الاجتماعي… فقد أصبح بإمكان أي شخص أن يعطي لنفسه صفة خبير ويذهب في الاتجاه المعاكس… فيربح متعاطفين و يبني قاعدة جماهرية تعتمد دائما على نفس الوصفة… نمزج بين “بعض الحقائق وبعض من الخوف والتكهنات والشائعات”… ونطبخها على نار من “الشكوك المستمرة والفجوات المعرفية”… ونكثر من بهارات “انعدام اليقين والخوف من المجهول”… والنتيجة انتشار المعلومات المضللة بشكل أسرع من العدوى…
فالكذبة يمكن أن تنتشر حول العالم بينما الحقيقة تلبس حذاءها… وبالتالي خلق حالة من عدم الثقة والارتباك بشكل عام…
نعم فكلنا عندما نذهب إلى منصات التواصل الاجتماعي نبحث عن الإثارة وما هو سلبي “سونساسيونيل”… ولأنها جزء من طبيعة الإنسان… نذهب لاستراق النظر أو الاستراقية كما نفعل مع كل حادثة سير…. نوع من الاهتمام بكل ما هو غير عادي وفيه كثير من الإثارة… فالإثارة توجد فيما هو ضد التيار أو فيما يقع عند الجار… مثير أكثر من يقول إن الفيروس غير موجود… و أكثر من يقول إن اللقاح غير فعال… وأكثر من يقول إنه يقتل… هؤلاء يبحثون عن البوز واللايك وشغلهم الشاغل أن يكثروا من زيارة مواقعهم… وهناك الكثيرون – سامحهم الله – ينشرون كل هذا… عن غير دراية أو عن قصد… ويجد كل غير ملقح ضالته رغم اختلاف أشرابهم…
نعم.. فغير الملقحين فئات و شتات… و ليس فئة واحدة…
وهذا ما يفسر صعوبة التواصل معهم… فخلفياتهم كثيرة… وكلما ناقشنا بعض الفئات الغير ملقحة إلا وأظهرت أخرى بأسئلة متباينة مبنية على خلفيات أخرى… وفي نقاش هادئ وممتع مع البروفيسور جلال التوفيق في استضافة الإعلامية فرحانة على أمواج (ميدي1 )، تمكنا من تصنيف المترددين إلى فئات عدة حسب خلفياتها…فهناك…
1- التخوف الاستباقي: و هي تمس الأشخاص الذين يخافون من كل شيء جديد… تخيفهم كل الأمور الجديدة والغير مفهومة أو التي يصعب استيعابها بسهولة… وهؤلاء يطرحون كثيرا من علامات الاستفهام… والتي تبصم وتؤثر على نفسيتهم… وتخلق عندهم جدلية كبيرة… وتولد عندهم بالتالي فعل المقاومة… وخير مثال على ذلك، ما خلفه لدى جدودنا، اكتشاف “عود الريح” والسيارات بالمحركات والتلفزيون والراديو… ما خلقه من رعب وردة فعل متشنجة لديهم… وها نحن اليوم لا أحد يشكك في السيارة ومنفعتها… وبكونها لا تشكل أي خطر على العامة…
2- طابع الاضطهادية: هؤلاء الناس بطبيعتهم ضد كل شيء… ضد الدولة لأنها ضدهم…ضد الإدارة… ضد صناع القرار لأنهم ضدهم… بالدارجة “منويين”… لديهم مشكل ثقة مع الجميع… فهم ضد كل شيء… حتى اللقاح اللي كتقولو الدولة… وغير جاو وعطاوه فابور… وعلاش زعما فابور…
3- النقص الحاد في النقد: هؤلاء الناس يستهلكون المعلومات بشراهة…أيا كانت خاطئة أم صحيحة… جميع المعلومات و كل المعلومات… وبما أن الحس النقدي متدني لديهم ف”مكيدوروهاش فراسم”… وإذا أضفنا إلى هذا النقص المتأصل، النقص المعرفي بميدان اللقاحات و النقص في تفهم المعلومة العلمية… فحتما فإنهم سيترددون
4- خلفيات إيديولوجية: و نرى هذا كثيرا مع السياسيين… و الذين ينظرون إلى المسألة بمنطق الربح السياسي… فاليمين المتطرف مثلا في الغرب تبنى جميع النظريات التشكيكية… و في المغرب… رانتوما عارفين شكون
في الختام، أظن أن التواصل هو أهم من اللقاح و الدواء في زمن الأزمة الصحية… ورغم كل هذه التحديات، فلن نتوان ونقعد عن التواصل مع الملقحين و غير الملقحين بحول الله… لأننا محتاجون لبعضنا البعض من أجل الخروج من هذه الأزمة…فرغم اختلافنا المؤقت و إلى حين حول موضوع اللقاح … فكل شيء يوحدنا… حب الخير لهذا البلد… المصلحة العامة للوطن… العودة للحياة الطبيعية بسرعة… التقليل من الخسائر البشرية… أن الصحة الجيدة دون رغيف الخبز “ليست بصحة”… كلنا نرنو لعيش كريم كمغاربة… في مغرب أفضل…
و حفظنا الله جميعا…
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…