‫الرئيسية‬ أخبار مجتمع صرخة مستثمر.. عندما تكون القرارات الإدارية عائقا للتنمية: سيدي رحال الشاطئ نموذجا
مجتمع - 22 يونيو 2021

صرخة مستثمر.. عندما تكون القرارات الإدارية عائقا للتنمية: سيدي رحال الشاطئ نموذجا

بقلم: محمد زكرياء (*)

سيدي رحال الشاطئ هو منطقة حضرية تبعد عن الدار البيضاء ب 30 كلمترا باتجاه ازمور يخضع إداريا لعمالة اقليم برشيد.
يشكل العقار المحفظ، ذو الرسم العقاري 13990س، النواة الأولى لهذه المنطقة وتبلغ مساحته 491 هكتارا وتقطنه حاليا ساكنة مهمة، يقدر تعدادها بالآلاف.
العقار المذكور هو عقار محبس حبسا معقبا. ويعني الحبس المعقب أن المحبس عليهم لايملكون حق التصرف في (الرقبة)، ولكن يملكون حق الانتفاع والاستغلال للعقار بجميع اوجهه القانونية.
ولكون هذا العقار خاضعا لوثيقة الحبس، فإن هذا الأمر يجعل وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، هي الوزارة الوصية على هذا العقار وهي المعنية بتسييره ومراقبته وتنظيمه.
وبما أن انشاء هذا الحبس على هذا العقار تم منذ أكثر من 200 سنة، كان عاديا أن يعرف هذا العقار – كباقي مناطق المملكة – تغييرا ديموغرافيا ونموا كبيرا سواء بالنسبة للأشخاص المحبس عليهم أو ذويهم أو الوافدين إليه.
ولعل هذا ما جعل الإدارات الترابية السابقة، التي تخضع منطقة سيدي رحال لنفوذها، تستشرف هذا النمو وتقوم بالتفعيل الجزئي لتراخيص البناء والتجهيز على العقار منذ حوالي 1970 كما قامت بصياغة وتفعيل تصميم تهيئة يغطي هذا العقار، وذلك منذ سنة 2001.
هذا التطور والنمو الديموغرافي المستمر والطبيعي على العقار المحبس لم يصحبه تأطير ومواكبة من الوزارة الوصية كما كان يجب عليه الحال.
وكانت السلطات الاقليمية تحت ضغط الساكنة، وتبعا لروح المسؤولية والمبادرة والعزيمة التي يتمتع بها المسؤول الأعلى لهذه السلطة، هي الساعية لاتخاذ المبادرة وصياغة حلول استعجالية وآنية، حتى ولو كانت متأخرة وعلى استحياء وبفترات منقطعة ومتباعدة.
وكانت توصيات هذه السلطات دائما من أجل تفعيل تراخيص البناء والتجهيز للعقار المحبس بالمرافق الضرورية لضمان الحد الادنى من العيش الكريم، سواء للمحبس عليهم أو لباقي القاطنين، في انتظار الحل الشمولي و و و… التي كانت الوزارة الوصية دائما تصر على أنها لازالت في صدد صياغته كما كنا نسمع من أطرهم.

وكانت الاجتماعات  التي يجب أن تعقد بين مسؤولي السلطات الاقليمية ومسؤولي وزارة الأوقاف لتسوية هذا الملف – بعد ضغط من الساكنة – تنظم بمبادرة وطلب دائم من السلطة الاقليمية، وفي حضور غير منتظم لمسؤولي وزارة الاوقاف.

ونحن كممثلين لجمعيات محلية على العقار المحبس منذ سنة 2008، كنا شهودا وحضورا لبعض من هذه الاجتماعات، والتي كنا – ويا للأسف – نحب أن نحضرها جميعها لما كان سيكون لحضورنا من أثر ايجابي في صياغة هاته القرارات.

فكما هو معلوم فإن فترة العامل السيد “محمد فنيد”، باعتباره رجل إدارة تمرس في مرافق الداخلية، عرفت منطقة سيدي رحال نشاطا كبيرا واجتماعات متتالية ما بين أطر وزارة الأوقاف وممثلي الجمعيات وأطر السلطات الاقليمية.
وكانت القرارات والتوصيات المتمخضة عن هذه الاجتماعات عملية وواقعية، وكان لها الأثر الحميد على المنطقة، وعلى التنمية وعلى الاستثمار.
إلا أنه بعد ذهاب العامل السيد محمد فنيد، تم اتخاذ قرارات أحادية دون استشارتنا، والتي كانت متناقضة لما تم الاتفاق عليه سابقا وكان لها الأثر السلبي على المنطقة.
وكمثال للتناقض الصريح في هاته التوصيات والقرارات والنكوص عنها: ففي سنة 2008 بمقر ولاية سطات وبحضور مدير الاوقاف والشؤون الاسلامية اتخذت توصيات بالعمل على تفعيل حل المعاوضة كحل نهائي والعدول عن صياغة حل التصفية، لأنه غير عملي وغير مجدي، والشروع في عملية التسوية بدءا بالمجزئين الخواص…
وفي سنة 2013، وتحت صدمة الجميع، تمت صياغة قرار لجنة التصفية، والذي إن طبق كان سيكون كارثيا على المنطقة بكل ما للكلمة من معنى، وهو ما أكده السيد محافظ برشيد خلال اجتماع بمقر عمالة.
وفي سنة 2012 تم تحديد أثمنة المعاوضة لبقع البناء المستوفاة لشروط التعمير في 500 درهم للمتر المربع، في انتظار تفعيله، ثم في 2018 أصبح هذا الثمن 2500 درهم.
وخلال سنة 2011 كان الاتفاق على الشروع في معاوضة القطع المرخصة واستئناف التراخيص، إلا أنه في 2012 تم تفعيل معاوضة بقع إعادة الهيكلة بثمن 80 درهما للمتر المربع، علما أن هذه البقع هي بقع شبه عشوائية، مع ايقاف تعويض باقي البقع المرخصة أو في طور الترخيص إلى يومنا هذا.
والأدهى من ذلك المنع الكلي للبناء والتجهيز المقنن وفقا لتصميم التهيئة بكتاب من وزارة الأوقاف سنة 2019 موجه إلى عمالة برشيد، يذكرنا بالمنع الصادر من نفس الوزارة سنة 2006، والتي تراجعت عنه الوزارة الوصية بعد مجيء العامل السيد محمد فنيد آنذاك وتبرأت منه.
هذا المنع هو تشجيع غير مباشر لتمدد السكن العشوائي وبقع إعادة الهيكلة على حساب البقع المرخصة والتجزئات المقننة. والدليل أنه سنة 2012 كانت مساحة الوعاء العقاري المخصص لإعادة الهيكلة، والتي تروج في رفوف العمالة، 40 هكتارا وأصبحت المساحة الحالية المتداولة  100 هكتارا …!!!
يعني ايقاف البناء المرخص والمقنن منذ سنة 2012 وفتح الباب – بدون قصد – لانتشار وتمدد بقع إعادة الهيكلة والتجزيء السري، وما تكلفه إعادة هيكلة هذه البقع لخزينة الدولة، علما أن سمة العشوائية تبقى لصيقة بها، مما يؤثر على جمالية المنطقة، وكذلك على الأمن والاستقرار.

ونحن هنا لا نريد اتهام أي جهة بالوقوف وراء هذا الإشكال الحاصل، بقدر ما نريد تنوير أطر المرفق العمومي والرأي العام بأبجديات التنمية ومدى التأثير السلبي للقرارات الإدارية الغير مدروسة، لأنه من المعلوم شرعا أنه أينما كانت المصلحة فثمة شرع الله، وأينما كانت المصلحة، وجب أن يكون قرار إداري يصاحبها ويؤطرها   -وبالاحرى أن يسبقها – وعندما يمنع ما هو قانوني يظهر تلقائيا ما هو غير قانوني، لأنه تبعا للقواعد الكونية لا مكان للفراغ ولا مكان للجمود.

الغريب أن منع البناء والتجهيز وفقا لتصميم التهيئة المصادق عليه يأتي دائما من الوزارة الوصية التي دورها الوصاية والتسيير للعقار المحبس، لكن دورها غدا – فقط – هو المنع والحبس.
ففي الأوقاف العامة نرى وزارة الأوقاف تستثمر في كل ما يعود بالنفع المادي للعقار من قيساريات وعمارات ولوحات إشهار … مع شراكة وحضور قوي للقطاع الخاص.
وفي الوقف الخاص الذي هو حال عقارنا والمحبس على أصحابه نراها تقف سدا منيعا لأي استثمار، ولأي حوار أو شراكة مع القطاع الخاص.. فأين دور الوصاية المنوط بها وأين دور التسيير ومن يتحمل المسؤولية في هضم هاته الحقوق، وكأنما الحبس نقمة على أصحابه وذويهم.
ان العمران هو أول مظاهر التنمية والتطور في جميع المجتمعات، وكما ذكر ابن خلدون في مقدمته هو بداية نشأة الدول والخروج من حالة ٠ إلى الحضارة والرقي.
ولولا العمران لما علمنا أنه كان هناك حضارات بابل والفراعنة والرومان. فمنع العمران هو ضرب الماضي والحاضر والمستقبل.

إن منع تراخيص البناء والتجهيز للعقار المحبس الى غاية تسديد مبالغ المعاوضة الخيالية والمجحفة والمتناقضة لما تم الاتفاق عليه سابقا، هو طعن في حق الحُبس وحق الانتفاع العائد قانونيا وتاريخيا للمحبس عليهم وطعن كذلك في جميع الاتفاقات السابقة بين وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية وممثلي قاطني سيدي رحال الشاطئ، وهو وأد للتنمية ومساهمة في استفحال العشوائي والتهميش وهو ويا للحسرة بمثابة التهجير القسري لسكان سيدي رحال الشاطئ في القرن الواحد والعشرين.
هذا المنع هو مخالف للأعراف ولما جاء في مدونة الأوقاف.
وهو ما أكده الحكم الصادر بالمحكمة الادارية للدار البيضاء بتاريخ 09/06/2021  تحت عدد 1565 والذي ألغى قرار رفض تسليم إذن بالبناء الصادر من وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية.

من هنا وجب علينا طرح السؤال عن المستفيد من هذا المنع لتراخيص التجهيز والبناء، وهم  كل أصحاب النوايا الخبيثة وأعداء الوطن ولوبيات السكن العشوائي.
ومن المتضرر من هذا المنع، بالطبع، المواطن،  سواء المحبس عليه أو القاطن والمنطقة وخزينة الدولة.
والغريب أن الوزارة الوصية هي كذلك خاسرة جراء هذا المنع عندما يصير العقار كله عبارة عن بقع إعادة الهيكلة.

لاحظنا أن حالة المنطقة في غياب القرارت الإدارية لوزارة الأوقاف، وبتأطير فقط، من السلطات الاقليمية خلال الفترة السابقة أفضل بكثير من وجود هذه القرارت، والتي في غالبها ما يكون مفعولها بمثابة نيران صديقة.

من هذا المنبر وبصفتنا نمثل القطاع الخاص والقاطنين في سيدي رحال الشاطئ ندعو مسؤولي الإدارات العمومية والمنتخبة للجلوس إلى طاولة وإعادة دراسة الحلول الواقعية والناجعة والدفع بالمنطقة  للالتحاق بركب التنمية كباقي مناطق المملكة.

 

(*) عضو المكتب المسير لجمعية مستثمري وقاطني سيدي رحال الشاطئ

التعليقات على صرخة مستثمر.. عندما تكون القرارات الإدارية عائقا للتنمية: سيدي رحال الشاطئ نموذجا مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول

تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…