سلام عليك حاضرا وغائبا.. ولا بد أن تشمخ أكثر بعد الغياب

بقلم : ذ عبد الله النملي

العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الله، وإنا على فراقك لمحزونون.. هذا ما تنطق به قلوب كل المغاربة الذين يعرفون الراحل الكبير، الوزير الأول الأسبق الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، وهم يتلقون خبر وفاته عن عمر يناهز ست وتسعين سنة، صبيحة يومه الجمعة 28/5/2020 بمدينة الدار البيضاء بعد صراع مع المرض ألزمه الفراش.

الرجل ليس اسما عاديا كغيره من الأسماء المحفوظة في سجلات الحالة المدنية المغربية، هذا الرجل واحد من رجالات المغرب العظام، يخفي داخله حالة خاصة جدا وناذرة في العمل السياسي.

فالرجل مفرد بصيغة الجمع، اجتمع فيه ما تفرق في غيره، رفض أموال الإنصاف والمصالحة، ولم يطلب يوما معاشا رغم حاجته إليه، وكان يحيل تعويضات تنقله إلى صندوق التضامن مع العالم القروي حينما كان وزيرا أولا، مجاهد ووطني غيور وشريف، كان محاميا ونقيبا للمحامين، ورئيسا لتحرير الجريدة الممنوعة من الصدور “التحرير”، وقائدا لحكومة التناوب التوافقي بالمغرب، وأحد أيقونات السياسة المغربية، عُرف بمعارضته للعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، حيث سبق أن صدر في حقه حكم بالإعدام، لكنه عاد للوطن وترأس حزب ” الإتحاد الاشتراكي “.

ارتبط اسم اليوسفي بالوزارة الأولى في عهدي الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس، شارك في انتخابات 1997 حيث تصدر الانتخابات، وقاد حكومة التناوب في مارس 1998.

وفي سنة 2002 احتل الحزب المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية، لكن الملك محمد السادس، عين ادريس جطو، غير المنتمي لأي حزب رئيسا للحكومة، وهو ما رفضه اليوسفي، ليعتزل العمل السياسي، ويلوذ بالصمت الذي اختاره رفيقا إلى مثواه الأخير.

وبعد الإعلان عن خبر وفاته تحولت مواقع التواصل الاجتماعي لساحة عزاء كبيرة، حيث توالت كلمات الرثاء والعزاء على فقدان الراحل الكبير من قبل زملائه ومحبيه وكل أطياف الشعب المغربي. الراحل الكبير رغم اعتزاله السياسة ظل عند جل المتابعين وجها محبوبا وبارزا للعمل للسياسي النزيه، سيفتقده المغرب وكل محبيه وعارفي مكانته وفضله.

ودعنا الراحل بالأحضان مبتسما فودعناه بالدموع. نعم ستبقى فينا أخا و رفيقا.

سلام عليك حاضرا وغائبا، فقد كنت كبيرا في حياتك، ولا بد أن تشمخ أكثر بعد الغياب. تغمده الله بواسع رحمته وكريم مغفرته.

وإنا لله وإنا إليه راجعون