في الذاكرة.. حسن مضياف أو “خالي عمارة” الذي ترك زوجة تبيع “المسمن”
الجديد نيوز: إعداد أسامة بيطار
صعب أن يعامل الفنان بعد رحيله بالصد والإهمال، وأن تعيش أسرته ضنك العيش، وشح ذات اليد.. هو الذي طالما اعتبر أن زملاءه من أهل الفن إخوانا له، لن يبخلوا على زوجته وأبنائه بالعون والمساعدة.. لكن ظن الفنان خاب، وحدسه لم يصب، لتجد زوجته بعد أشهر من رحيله نفسها عاملة تبيع الرغايف والمسمن، لتعيل أبناء من ساهم في بث فرحة في نفوس مشاهديه عبر المسرح، التلفزيون وحتى السينما…
إنه الفنان الراحل “حسن مضياف”، الممثل المغربي الذي ولد بمدينة الدارالبيضاء عام 1957، وشارك في عدة أعمال تلفزيونيا وسينمائياً كما برز في الأدوار الكوميدية.
الراحل حسن مضياف رفقة محمد الخياري
اشتهر الراحل حسن مضياف بأداء أدوار في الكثير من الأعمال التلفزيونية ذات الطابع الهزلي والكوميدي، كما شارك في عدد من الأفلام السينمائية، حيص يعتبر من واكبوا تجربته الفنية أنه وعلى باقي الفنانين الموهوبين “لم يجد محمد مضياف المخرجين القادرين على توظيف طاقته الإبداعية، لاسيما أنه كان يتمتع بتقاسيم الوجه والتعابير العميقة التي تصلح للأفلام الدرامية”.
بدأ حسن مضياف حياته الفنية كممثل مسرحي في عدد من الأعمال، التي كان أشهرها مسرحية “برق ما تقشع” مع مسرح الثمانين. وعرف عنه حبه للمسرح ومهنة التمثيل والابتعاد عن الأضواء.
تحتفظ الذاكرة الجماعية للمشاهد المغربي بأداء كوميدي راق للفقيد في الأعمال المسرحية التي شارك فيها مثل: “كوسطة يا وطن”، “جحا في الرحا”، وكذا مسرحية “برق ما تقشع”…
بالحي التاريخي الذي يختزن ذاكرة عدد من مشاهير العاصمة الاقتصادية، حي درب السلطان، بدأ مضياف مسيرته الفنية رفقة فرقة العروبة، وكان ذلك سنة 1974 من خلال مسرحية “سمفونية الغضب”.
أدى الراحل حسن مضياف أدوارا في مسرحيات أخرجها الفنان “محمد التسولي”، والد الممثل المغربي “سعد التسولي”، مثل مسرحية “ثمن الحرية” و”الحقيقة ماتت”، ومسرحيات أخرى من تأليف عبد الكريم برشيد مثل مسرحية “العربة” و مسرحية “ابن الرومي في مدن الصفيح”… حيث عاش الراحل مضياف حقا في حي صفيحي، وعانى شوف العيش…
اكتسب الراحل شهرة أوسع من خلال الأعمال المسرحية التي شارك فيها ضمن فرقة مسرح الثمانين للثنائي “عزيز سعد الله” و”خديجة أسد” على غرار مسرحيتي “برق ما تقشع” و “كوسطة يا وطن”.
وسينمائيا شارك “حسن مضياف” في أفلام “يا ريت” من إخراج حسن بنجلون و”يا خيل الله” لنبيل عيوش و”الرجال الأحرار” لإسماعيل فروخي، وفيلمي “أبواب الجنة” و”سارق الأحلام” لحكيم النوري.
أما في التلفزيون، فتنوعت مشاركات الراحل حسن مضياف في أفلام تلفزيونية من قبيل “الدويبة” و”سوق النسا” لفاطمة علي بوبكدي وفيلم “الكبش” لنوفل براوي وفيلم “رحلة إلى طنجة” و”فيلم سالم وسويلم” وفيلم “احسينة” وفيلم “الشاوش” وفيلم “الحب القاتل”، ومسلسلات “وجع التراب” لشفيق السحيمي و”رمانة وبرطال” لفاطمة علي بوبكدي وسيتكوم “زايد ناقص” وسيتكوم “خالي عمارة”.
تعددت المحن التي عاشها الراحل حسن مضياف في حياته، ومنها إصابته بمرض في الجهاز التنفسي أثر على القصبات الهوائية وامتد الى الرئتين، حيث إن المسكن المتواضع الذي كان يقطنه، قبل الالتفاتة الملكية التي منحته شقته آوته رفقة أفراد أسرته خلال الأيام الأخيرة من حياته، كان قد زاد من تدهور وضعه الصحي نظرا لتموقعه قرب مدخنة أحد الأفران الشعبية.
ورغم أن الراحل لم يكن من نجوم الصف الأول في جل الأعمال التي شارك فيها، إلا أنه صنع لنفسه مكانة خاصة بفضل تعبيره الجسدي المميز، وتلقائيته في الأداء التي مكنته من كسب شعبية واسعة واعتراف من الجمهور بقيمته الفنية داخل الأوساط المهنية.
ويعتبر محمد مضياف ثان ممثل تفقده الساحة الفنية بعد رحيل الممثل محمد مجد خلال الأسبوع الماضي.
وكان الراحل بعد تماثله للشفاء وخروجه من المستشفى العسكري بالرباط، الذي نقل إليه في حالة صحية حرجة من الدار البيضاء بمبادرة من التعاضدية الوطنية للفنانين، وبعد احتفاء النقابة المغربية لمحترفي المسرح به وبأسرته في إطار فطور رمضاني نظم بمنزل الممثل والمخرج عبد الكبير الركاكنة بسلا، زار الفنان الراحل حسن مضياف أول طبيب أشرف على حالته الصحية بأحد المستشفيات العمومية بالدار البيضاء.
ويقول الناقد محمد سجلماسي إن “هذا الطبيب كان قد نصح مضياف بضرورة إجراء عملية جراحية عاجلة بباريس تفاديا للعيش معاقا بقية حياته، وذلك لأن الفنان مضياف كان يعاني من التهاب مزمن في القصبات الهوائية ومن انتفاخ في الرئة”.
ولأن “هذا النوع من العمليات كان سيكلفه حوالي 140.000 درهم، ويجرى بنجاح كبير في فرنسا”، ولأن “حسن مضياف – يقول سجلماسي – لم تكن له القدرة على تحمل مصاريف هذه العملية الجراحية، نظرا لهشاشة وضعيته الاجتماعية وعدم استفادته من أية تغطية صحية”، حيث إن “وقوف ثلة من أصدقائه الفنانين إلى جانبه في المحنة الصحية التي كانت قد ألمت به، هي التي مكنته من زيارة أطباء الدار البيضاء والرباط الذين ساعدوه التعافي” نسبيا…
كان “عدم إجراء هذه العملية له في أقرب وقت يعرض أسرته الصغيرة، المكونة من أمه المقعدة وزوجته وابنه وابنته، إلى التشرد. لأنه لم يكن قادرا على العمل وهو المعيل الوحيد لها”.
لهذا – يقول الناقد سجلماسي – طلب من الجهات الوصية على الفنون ببلادنا ومن المحسنين أن يساعدوه في تحمل مصاريف هذه العملية الجراحية التي كان من شأن إجرائها أن يجنبه الإعاقة الدائمة بقية حياته”… لكن المرض وضع حدا لحياتها قبل يجد من يعنيه على مصاريف إجراء العملية الجراحية.
لقد كان الراحل حسن مضياف، بعد التجربة الطويلة التي قضاها في مجال التمثيل والتي انطلقت منذ سنة 1974، يؤمن أن “فن التمثيل يحمل معان تعبر عن ذاته، وعبره يستطيع أن يخلق التعاطف والتناغم والمشاركة الوجدانية”، دون أن يغفل القول إنه “باحترافه للتمثيل، استطاع تسجيل جوانب من الواقع اليومي” حيث ظل “يحرص على لعب أدوار منتقاة بعناية تامة، حتى يقدم مشاهد وصورا تخول إمكانية فهم الظواهر الاجتماعية وإدراك عللها المباشرة”.
ولأن مضياف عاش حياة مليئة بالأحداث والصعاب أيضا، فهو يؤمن بأن “الفنان الممثل هو الذي يدخل على التراث الفني لمجتمعه تعديلات وتطورات وتأليفات، تقرب بين عناصر من المجتمع أغفلت بجهل أو تجاهل”.
ففن التمثيل، في رأي الراحل حسن مضياف، “ذلك الإنتاج الفني الذي يصبح أداة فعالة مستمرة تغير من البيئة الواقعية التي يعيش في كنفها أفراد المجتمع، وهو عمل جدي بالنسبة إليه، ينطوي على الكثير من التفكير والتنظيم والجهد، وهو نشاط له أثر إيجابي على واقع المجتمع، خاصة في ما يتعلق بحفظ ذاكرته الجماعية”.
وطالما أكد حسن مضياف أن “واقع العديد من الممثلين المغاربة مرير على نحو لا يرقى بمكانة الفنان، كما يحق له أن يكون، خاصة أنه يمثل جمهوره ويرصد همومه وقضاياه”.
وبعد مسار من العطاء توفي الراحل حسن مضياف بمدينة الدار البيضاء يوم 30 يناير من سنة 2013.
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…