في الذاكرة: المسرحي محمد الكغاط.. مبدع بدرجة الدكتوراه
الجديد نيوز: إعداد أسامة
“مسرح بسعة الحياة… وتجريب بسعة الحلم”، هكذا اختار أحد كبار النقاد أن يصف تجربة واحد من المسرحيين المغاربة، الذي قبل أن يودع دنيا الأحياء، ترك موروثا مسرحيا مهما، توزع بين التأليف والترجمة والآخراج والتمثيل..
إنه المسرحي الراحل “محمد الكغاط”، الذي يعد من رواد حركة المسرح التجريبي بالمغرب وأحد منظري هذه التجربة كما تشهد على ذلك كتاباته وإسهاماته سواء على مستوى التنظير أو على مستوى التأليف والإخراج وإدارة الممثل فوق الخشبة.
يرى متتبعو تجربة الكغاط بالنقد والتحليل أن ثلاثية المرتجلات تبقى: “المرتجلة الجديدة” و “مرتجلة فاس” و “مرتجلة شميشا للا” إلى جانب أعمال أخرى مثل “أساطير معاصرة” و “بشار الخير” و”النواعير” و”بغال الطاحونة” و”ميت العاصر” و “فلان.. فلان الفلاني.. فلتان” و”منزلة بين الهزيمتين” و”ذكريات من المستقبل” و”بروميثيوس 91 أو بغداديات” و “صوت سيدها” من بين أهم الإنجازات المسرحية التي أظهرت شغف الفنان الراحل محمد الكغاط بالاشتغال على تأصيل المسرح المغربي وتقعيده وفق رؤية فنية ناضجة أثرت على التجربة المسرحية بالمغرب، وذلك من موقعه كأستاذ جامعي متخصص في الدراسات المسرحية.
يقول د.حسن المنيع إنه “إلى جانب محاولاته الجادة في كتابة مسرحيات مستوحاة من التراث المغربي والعربي الأصيل والتي تستجيب للرؤية الفنية التي آمن بها واشتغل عليها كان للكغاط حضور قوي على مستوى التنظير كما تشهد على ذلك كتاباته التي تشكل مرجعية في مجال البحث المسرحي منها على الخصوص “بنية التأليف المسرحي بالمغرب من البداية إلى الثمانينات” و”المسرح وفضاءاته” و”الممثل وآلته” إلى جانب إسهامات متعددة حول قضايا الكتابة والإخراج المسرحي”.
ولد محمد الكغاط سنة 1942 بمدينة فاس، حصل على دبلوم اللغة العربية سنة 1965. وتابع دراسته العليا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس حيث حصل على الإجازة في الأدب العربي سنة 1968، وعلى دبلوم الدراسات العليا سنة 1984 ثم على دكتوراه الدولة سنة 1993. اشتغل أستاذا جامعيا بنفس الكلية إلى أن ترجل من هذه الحياة.
يعتبر محمد الكغاط من رواد حركة المسرح التجريبي في المغرب وأحد منظري هذه التجربة، فقد واظب منذ 1958 على الإسهام في الحركة المسرحية المغربية، شارك في الإشراف منذ 1960 على التدريبات التي كانت تجرى في المعمورة لتكوين أجيال من الفنانين.
كما ساهم في الانتقال بالمسرح المغربي من الاقتباس إلى الانتاج المحلي الذي ينهل من المأثور والحكمة المتداولة مثل: «بغال الطاحونة»، «بشار الخير»، «ميت العصر»، «فولان وفرتلان»، «ذكريات من المستقبل» التي نشر العديد منها في السبعينيات ضمن بعض المجلات العربية المتخصصة أو المؤلفات الجامعية، وحصل العديد منها على جوائز تقديرية.
وتبقى ثلاثية بـ«المرتجلة» من بين أهم الإنجازات المسرحية التي أظهرت شغف الفنان الكغاط بالاشتغال على تأصيل المسرح المغربي وفق رؤية فنية ناضجة أثرت على التجربة المسرحية في المغرب من موقعه كأستاذ جامعي متخصص في الدراسات المسرحية.
انضم محمد الكغاط إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1976. وتوزع إنتاجه بين الكتابة والإخراج المسرحيين، الترجمة والدراسة الأدبية. نشر كتاباته بعدة صحف ومجلات منها: العلم، الاتحاد الاشتراكي، الفنون، خطوة، آفاق، الفصول الأربعة…
وإذا كان محمد الكغاط قد راهن بقوة على الركح كفضاء لإبراز مواهبه في مكونات الإبداع المسرحي من الكتابة إلى الإخراج مرورا بالتشخيص والتقنيات المسرحية المصاحبة، فإن الفن السابع لم يكن غائبا عن اهتماماته حيث شارك في عدة أفلام من بينها “وشمة” و”ليلة القتل” و”ياقوت” وغيرها إلى جانب حضوره في عدة مسلسلات تلفزيونية وأفلام أجنبية.
تعد كتابات المرحوم محمد الكغاط المسرحية والنقدية انعكاسا لثقافة جامعية والوعد بالموضوعية لأهمية الفن الدرامي في الحياة الانسانية، لهذا يمكن القول بأن أراءه حول هذا الفن ليست نتاجا لنظرية عمل على بلورة أهدافها ومبادئها في بيانات أو أرادها أن تكون جوهرا لتوجه مسرحي معين، وإنما هي آراء نابعة من علاقة وطيدة بمسرح الهواة وبالسنوات الطويلة التي قضاها في خدمته ومعايشة أوضاعه ومشاكله.
ويرى الدارسون أن “هذه العلاقة هي التي قادته إلى الكتابة والإخراج والتمثيل وإلى البحث الجامعي بعد أن أمكنه استيعاب التجارب المسرحية القديمة والحديثة في الغرب”، “موازاة مع ماقام به بعض الفنانين المغاربة من جهود في تفعيل الحركة المسرحية، بينما كان غيرهم يلجأ إلى ترويج مسرح ضحل ومسطح في الغالب يفتقر إلى الأصالة والإبداع الخلاق”.
لقد كان المرحوم الكغاط شديد الوعي بهذه الوضعية، لهذا عشق المسرح كما حاول الإجابة على بعض الأسئلة التي تفترضها غايته وممارسته، في هذا الصدد كان يرى أن هدف المسرح هو تحقيق التواصل وتبليغ رسالة إنسانية لأنه فن من الفنون وليس جنسا أدبيا محضا، فن دينامي ليس له قواعد ثابتة دائما، بل هو بحث مستمر عن صيغ وأساليب جديدة للتعبير والتواصل.
ويقول د.المنيعي إن “تبني مثل هذا الرأي يعكس مدى اقتناع الكغاط أن المسرح هو فضاء خصب للتجريب، لذا جعل من هذا المبدأ منطلقا لكتابته وسندا لتحديد مفهوم النص المسرحي على أنه كما يقول “عنصر أساسي في العرض يمثل الضلع الثالث إلى جانب الضلعين الآخرين أي الممثلين والجمهور”.
من هنا فإذا “كان العرض في نظره لا يمكن أن يتم إلا بوجود النص فإنه يقر بالحقيقة الجمالية لهذا العنصر الأساسي كما فعل بعض أفداد المسرح الكبار مثل جروتوفسكي الذي وإن كان يركز على الممثل الذي يعيد خلق النص، فإنه يعتقد أن جوهر المسرح يكمن في نسق اللقاء الذي يوحد ويجعل في مواجهة في نفس الوقت الممثل والجمهور والممثل والمخرج، من تم فإن النص في نظر جروتوفسكي هو الذي يساهم في إنجاز هذا النسق وذلك بتحوله إلى تحد و إلى مقفز، يخول أولا للمخرج والممثل وبعد ذلك المتفرجين تحقيق هذه المواجهة مع ذواتهم ولقائهم مع الآخر، على أن المرحوم الكغاط لا يقف عند هذا الحد لتصوره عن النص بل يضيف إليه إمكانية الاستغناء عنه، كما تؤمن به ذلك بعض التيارات المسرحية الحديثة”.
في هذه الحالة يرى المرحوم أن هذه التيارات لا تلغي النص إطلاقا وإنما تطلق عليه اسما جديدا أو تبحث له عن معوض باسم جديد، هذا ما فعله الكغاط نفسه حينما كتب مرتجلاته الثلاث (المرتجلة الجديدة- مرتجلة فاس- مرتجلة شميشا للا)، إلا أن اختياره لهذا الشكل المسرحي كان نتاج اشتغاله حول موضوع بحث الدراميين عن قالب مسرحي، وبما أنه كان واحدا منهم فقد خلص بحكم تجربته إلى الحقيقة التالية : وهي أنه لا يمكن أن ينطلق هذا البحث من فراغ، بل لابد من الاستفادة من القالب الأرسطي، ومن التيارات المسرحية المعاصرة، لذا أرى أن تأرجح الكتابة لديه بين مدارس فنية متعددة (مسرح نفساني الذي بدأ به، مسرح العبث، المسرح الواقعي الفنتازي، مسرح الكوميديا السوداء) هو الذي قاده في نهاية المطاف إلى التعامل فكريا ومسرحيا مع المرتجلة، بحثا كما قال عن قالب مسرحي جديد يمكن بواسطته طرح قضايا إنسانية، وعرض إنسانية الانسان”
ومن الأعمال السينمائية والتلفزيونية والإذاعية مثل محمد الكغاط في الأفلام السينمائية التالية :
· 1962 : “شهر العسل بالمغرب” ( شريط قصير. إنتاج ألماني فرنسي ).
· 1969 : “شمس الربيع” للمخرج لطيف لحلو.
· 1970 : “وشمة” للمخرج حميد بناني.
· 1991 : “صلاة الغائب” للمخرج حميد بناني.
· 1992 : “ليلة القتل” للمخرج نبيل لحلو.
· 1997 : “للا حبي” للمخرج محمد عبد الرحمن التازي.
· 1999 : “يسوع” للمخرج روجي يونغ.
· 1999: “يوسف” للمخرج روجي يونغ.
· 2000: “ياقوت” للمخرج جمال بلمجدوب.
· 2000 : “مالينا” للمخرج جويسي تورناتوري.
· 2000 : “همسات” للمخرج محمد العبداوي.
مثل في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التالية :
· 1995 : “الواد” من إخراج حميد بناني.
· 1995 : “آخر طلقة” من إخراج عبد الرحمن ملين.
· 1998 : “ابن بطوطة” من إخراج حميد باسكيط.
· 1999 : مسلسل “السراب” من إخراج حميد بناني.
· 2000 : مسلسل “دواير الزمان” من إخراج فريدة بورقية.
· 2001 : “مداولة” من إخراج اقصايب.
عمل مساعد مخرج في فيلم “44 أو أسطورة الليل” لمومن السميحي. 1980. ومساعد مخرج في فيلم “صلاة الغائب” لحميد بناني. 1991.
كتب الحوار لفيلم “صلاة الغائب” لحميد بناني. ومن البرامج الإذاعية التي أنتجها بإذاعة فاس : · روائع المسرح العالمي. · آفاق فنية.
· الحل الصائب. · دنيا المسرح.
كما أعد للإذاعة المركزية بالرباط رواية “دفنا الماضي” لعبد الكريم غلاب في عشرين حلقة سنة 1979.
وبعد مسار حافل، وإثر معاناة مع المرض، توفي الفنان والمبدع، المسرحي المغربي محمد الكغاط في إحدى المصحات بباريس عن عمر يناهز 59 سنة، سنة 2001، حيث كان يخضع لعلاج بفضل رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس.
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…