‫الرئيسية‬ فن وثقافة في الذاكرة.. الحسين السلاوي من مجد العطاء إلى محنة الهلاك في ريعان الشباب (3/3)
فن وثقافة - مسرح - 6 مايو 2020

في الذاكرة.. الحسين السلاوي من مجد العطاء إلى محنة الهلاك في ريعان الشباب (3/3)

الجديد نيوز: إعداد أسامة بيطار

Aljadidnews.oussama2020@gmail.com

كانت علاقة غرامية مع سيدة أعمال فرنسية السبب الرئيسي في انقطاع زيارات الحسين السلاوي عن المغرب لمدة أربع سنوات.
فقد كان هذا الفنان محط إعجاب عدد كبير من النساء الجميلات داخل المغرب وخارجه. وإلى جانب هذه العشيقة الفرنسية عاش السلاوي قصة حب مع بهية فرح الشامية، التي انضمت إلى مجموعة الكورال الخاصة بالفرقة الموسيقية التي كان يترأسها، وقد لحن لها أكثر من 20 عملا، كما كانت منيرة الهلالي أخت سالم الهلالي المغني اليهودي ذائع الصيت واحدة من عشيقاته.

ومعروف أن الحسين السلاوي كان منشغلا بقضايا وطنه، حتى وهو في الخارج إلى درجة أنه لقب بالشعلة الوطنية، وقد سخر فنه لمواجهة المستعمر وللدفاع عن القضية الوطنية بشجاعة وصمود، فهجا الاستعمار الفرنسي وهو في عقر داره من خلال أغنية «حضي راسك» كما هاجم النزول الأمريكي بالمغرب، حيث غنى سنة 1944 أغنية «ماريكان» وصور من خلالها بكثير من الصدق والواقعية وضع المغرب بعد دخول أمريكا.

كما أن الصدفة جعلته يحضر وهو طفل لحظة توقيع وثيقة الاستقلال. فقد كان الحسين السلاوي وطنيا بطريقته الخاصة. أما الاهتمام بأسرته فقد كان من مهام زوجته.

رغم أن الحقبة التي عاشها هذا الفنان كان الأزياء التي يرتديها المغاربة في الغالب الأعم تقليدية، تتمثل أساسا في الجلباب والطاقية أو العمامة والبرنس، فإن الحسين السلاوي علاوة على لباسه المغربي الأصيل والأنيق، عرف بحرصه الشديد على اقتناء الماركات العالمية في ما يخص اللباس العصري، وقد ساعده على ذلك كونه كان مقيما في باريس عاصمة الأزياء والأناقة، وقد كان اللون الأسود لونه المفضل، كما يحكي ذلك نجله محمد، الذي يقول إن والده كان في صغره يغيب طويلا، وعندما أطالت الجدة (والدة الحسين) البحث عنه ذات مرة وجدته منشغلا بتطوير موهبته بمقبرة سيدي بنعاشر بسلا، التي كان يمكث فيها لوقت طويل دون أن يشعر بالخوف من وجوده بين المقابر.
ومن الطرائف التي عاشها وهو فنان أنه كان رغم شهرته يأتي مختلسا كلما حضر متأخرا إلى البيت خوفا من ردة فعل والدته التي كان يحترمها ويخاف غضبها.

الفنانة الجزائرية بهية فرح
الفنانة الجزائرية بهية فرح

ورغم كثرة علاقاته الغرامية فإنه كان يخصص زوجته وأم أولاده بمكانة متميزة، وقد كانت مصدر إلهامه في عدد من الأغاني التي تغنى فيها باللون الأسمر على اعتبار أنها كانت سمراء اللون.
ومن هذه الأغاني «الله الله ألسمر» و«سمرة خمرية».. ومع أن أخبار غرامياته كانت تصل إلى مسامع هذه الزوجة المحبة، فإنها لم تثر المشاكل لأنها كانت صبورة جدا، وتعرف كيف تكتم غضبها في سبيل سعادة أسرتها، ورغم خيانته لها كانت تحبه..

لم يكن للحسين السلاوي أوقات فراغ، فقد كان فنه شغله الشاغل على طول الوقت، كما يقول ابنه، إلى درجة أنه كان يسرق النوم من جفونه، وقد عرف بساعات نومه القليلة بحيث كان أيام تحضيره لإحدى أغانيه لا ينام لأيام..

وفي أواخر حياته، يقول محمد السلاوي عن والده، عانى كثيرا من حسد وحقد وضغينة مشاهير الأغنية العربية المقيمين بباريس، ومن بينهم سليم عزاز وسامي الهلالي وسامي اليهودي الذين سرق منهم الأضواء بتسجيله 45 أغنية مع الشركة العالمية «باطي ماركوني» محققا بذلك رقما قياسيا لم يسبقه إليه أي فنان عربي، مما جعل كل واحد منهم يفكر في طريقة للتخلص منه، إضافة إلى العشيقات الثلاث منيرة الهيلالي وبهية الشامية والسيدة الفرنسية اللواتي كن بدورهن يرغبن في الانتقام منه لأنه أحب غيرهن.
ولهذه الأسباب مجتمعة تم تسميمه، يقول ابنه، ولما تدهورت حالته الصحية قرر العودة إلى بلده رغبة منه في أن يتم دفنه بالقرب من عائلته. وطوال مكوثه ببيت أسرته كان يردد عبارة: «ولاد الحرام دعاوي البلة هما اللي خرحو عليا».

لقد كان وضعه الصحي معقدا جدا حيث كان لا يفترش إلا القطن، وقد بدأ لحمه يتساقط إلى درجة أن الطبيب الخاص الذي كلفه الملك محمد الخامس رحمه الله بإنقاذه أكد بأنه لا أمل في شفائه، ولذلك عاد إلى البيت لتوافيه المنية يوم الاثنين 16 أبريل سنة 1951، عن عمر لم يتجاوز 30 سنة، بعد معاناة طويلة مع المرض. وقد تم دفنه بمقبرة سيدي بلعباس بسلا، وحضر موكب جنازته آلاف من المحبين، وقد كانت آخر أغنية ضمها الحسين إلى ريبرتواره هي «يا غريب لك الله».

رحل الحسين السلاوي وترك ثروة فنية غنية جدا بإبداعاته وحب الناس له وشهرته وسمعته الطيبة، أما ماديا فقد ترك أسرته كما يحكي نجله «الله كريم.» عشنا بعد وفاته حياة صعبة جدا نفسيا وماديا، خاصة أن زوجته ولصغر سنها اضطرت للزواج ثانية ليعيش كل واحد من أفراد الأسرة بعيدا عن الآخر.

رحل الحسين السلاوي بطريقة مفجعة
رحل الحسين السلاوي بطريقة مفجعة

ترك هذا الفنان المبدع أعمالا خالدة، مازالت تحظى بقدر كبير من الاهتمام، خصوصا تلك التي تناول فيها مواضيع اجتماعية مثل الغش، والسرقة، والخيانة، والخداع والمكر، والكذب، والغربة، وهي أمور شاعت في أربعينيات القرن الماضي، إذ عانى المغرب كباقي شعوب العالم من تداعيات أزمة 1929 الاقتصادية العالمية، والحرب العالمية الثانية، التي أشار لها في إحدى أغانيه الأكثر شعبية الماريكان، بذكر نزول الأمريكيين بشواطئ المغرب، خلال الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى مجموعة من الأغاني مثل يا “غريب ليك الله”، “ياموجة غني”، و”سبحان الله على من يقرا”، إلا أن رائعة “احضي راسك”، التي تحدث فيها عن دهاء وغش،العروبية (البدو)، والتي ما زالت الأجيال ترددها، من أكثر أغاني الحسين السلاوي شعبية.

يعتبر الحسين السلاوي أول من وضع اللبنات الأولى في صرح الأغنية المغربية، حيث يعد الفنان السلاوي من أكثر الفنانين الراحلين، الذين سكنوا وجدان المغاربة، وبصموا التاريخ الفني المغربي بتراث فريد ومتميز، رغم أن أغانية لم يتجاوز عددها الأربعين.

التعليقات على في الذاكرة.. الحسين السلاوي من مجد العطاء إلى محنة الهلاك في ريعان الشباب (3/3) مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول

تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…