في الذاكرة: محمد حسن الجندي.. سيف بن ذي يزن الذي حبب للمغاربة “وحش الفلا”

الجديد نيوز: إعداد أسامة بيطار

Aljadidnews.oussama2020@gmail.com

عرفه المشاهدون في سياق دولي من خلال أدائه البارع لدور أبو جهل، (عمرو بن هشام) في فيلم “الرسالة” بنسخته العربية، وكذلك دور “رستم” في فيلم القادسية. وفي سياق وطني عرفه المشاهدون في إطار الدراما الاجتماعية التي عرضتها التلفزة المغربية قبل عقود، والتي حملت اسم “أولاد الحلال”.
كيف لا يبرع في هذا التشخيص، ومؤدي هذين الدورين هو الجندي الذي يُعد أحد أبرز الوجوه الفنية العربية في المسرح والإذاعة والدراما التلفزيونية.

محمد حسن الجندي، إلى جانب أدائه المتميز وإلقائه البديع، هو مؤلف إذاعي مسرحي وتلفزي، ومخرج وممثل في السينما والتلفزيون والمسرح. هو فنان مغربي استطاع أن يبني الجسور بين المغرب والمشرق العربي بأعماله الفنية.

كان محمد حسن الجندي يوصف بأنه رجل محافظ، عشق اللغة العربية وناهض تمييع الفن، وكان يقول “أجد نفسي حيثما كان هناك فن نبيل يحترم الذوق ومشاعر الناس.. أنا لست من أولئك الذين يسفّهون العمل الفني، ويغرقون الإبداع في الإباحيات”

بدأت مسيرته الفنية من مسرح الهواة بمراكش في فرقة “الوحدة” ثم فرقة “الأمل” عام 1957، حيث جمع أفضل الممثلين المراكشيين، والتحق بعدها عام 1958 بالإذاعة الوطنية بالرباط.
نحت مكانته في عالم الفن نحتا، وتميز في الأعمال الفنية التي شارك فيها وطنيا وعربيا، مستفيدا في ذلك من مؤهلاته المميزة كتمكنه من اللغة العربية وقوة صوته وطلاقة لسانه.

وقبل عقود كان الفنان الراحل حسن الجندي قد تمكن، عبر الإذاعة، من نقل نبض التراث المغربي إلى المجال الفني الحديث، حيث حقق نسبة استماع ومشاهدة غير مسبوقة، بعد أن تمكن هذا الفنان المتفرد، عبر الإذاعة، من نقل التراث المغربي إلى المجال الفني الحديث عبر “الأزلية”؛ التي تحكي بطابع مغربي سيرة البطل الأسطوري (سيف بن ذي يزن)، الذي كان يحقق نسب متابعة عالية آنذاك.
ولد محمد حسن الجندي عام 1938 في حي القصور بمدينة مراكش، لأسرة أمازيغية، وكان والده من شيوخ الزاوية “التيجانية”.

درس في الكتّاب القرآني والتحق بعدها بمدرسة ابن يوسف التاريخية، واهتم بالشريعة وعلوم الدين.
اعتقد والده أن الدراسة في المدارس العصرية انسلاخ عن الشخصية الوطنية فمنعه من الالتحاق بها، وبعد الضغط عليه سمح له بالذهاب إليها شريطة ألا يلتحق بمدرسة تدرّس اللغة الفرنسية، فالتحق  بالمدرسة الحسنية عام 1946 التي كان يديرها أحد الزعماء الوطنيين، وهناك تعرف على المسرح  لأول مرة. تزوج من الفنانة فاطمة بنمزيان الممثلة الإذاعية.

وسبق للفنان حسن الجندي أن عمل بإذاعة (بي بي سي) البريطانية زمن السبعينيات في لندن معدا ومقدما لبرنامج “كشكول المغرب” كما ترأس مندوبية الثقافة الجهوية بمراكش من 1992 إلى عام 1999. واشتغل محاضرا في مادة الإلقاء، الذي كان يتقنه وينفرد فيه، بالمعهد العالي للتنشيط الثقافي والفن المسرحي في الرباط

من أعمال الراحل حسن الجندي السينمائية “ظل الفرعون”، “طبول النار” لسهيل بن بركة، “القادسية” لصلاح أبو سيف، “الرسالة” لمصطفى العقاد، و”بامو” لإدريس المريني.
وفي التلفزيون شارك الجندي في مسلسل “صقر قريش” للدكتور وليد سيف وإخراج حاتم علي، الذي لعب فيه دور الأمير يوسف الفهري أمير قرطبة. كما عمل في مسلسل “آخر الفرسان” مع المخرج نجدة إسماعيل أنزور. ، ثم مسلسل “الخنساء” حيث أدى دور صخر، إضافة إلى مسلسل “فارس بني مروان” ثم مسلسل “عمر” الذي أدى فيه دور عتبة بن ربيعة.

ونال الراحل خلال حياته عددا من الأوسمة، منها وسام الثقافة من جمهورية الصين الشعبية، ووسام “عملة باريس” من مركز العالم العربي بباريس عام 1999، كما حصل على “نجمة مراكش” بالدورة الثانية من مهرجان مراكش الدولي للفيلم.

وكان الجندي النواة الأولى لعائلة فنية كبيرة وممتدة في المجال الفني، حيث أبدع أربعة من أبنائه في مجال المسرح والإخراج والتأليف والإذاعة.

فارق الجندي الحياة بمدينة مراكش بتاريخ 25 فبراير 2017، عن عمر ناهز 79 عاما، عقب نزلة برد حادة ألمت به تطورت إلى التهاب رئوي أودى بحياته، بعد أن مسيرة فنية حافلة استطاع أن يرتقي بها نحو العالمية.

والراحل من مواليد مراكش عام 1938، ومارس مختلف الأشكال الفنية من التأليف الإذاعي والتلفزيوني إلى الإخراج والتمثيل في السينما والمسرح.

أسس الراحل شركة (جندي للإنتاج الفني)، وأنتج عبرها مسرحيات “شاعر الحمراء”، “المتنبي في جامع الفنا”، وفيلم “ثعلب أصيلة” وغيرها من الأعمال الفنية.

وعند وفاته نعاه الفنان نعمان لحلو بالقول إن “الجندي كان من آخر العظماء في الفن والمسرح والسينما المغربية”، مضيفا أن “الراحل من الذين أسسوا الفضاء الثقافي والحضاري للمغرب المعاصر”.
ومن جانبه، كان وزيرُ الاتصال السابق مصطفى الخلفي قد وصف الفقيدَ بأنه “علم من أعلام الوطن، بصم بإبداعه مسار الفن المغربي المعاصر وارتقى به نحو العالمية، مبرزا عبقرية النبوغ المغربي وتميزه”.