‫الرئيسية‬ أخبار اقتصاد “حمى الشراء” في ظل كورونا.. كيف يمكن كبحها وتخفيف آثارها؟
اقتصاد - 26 مارس 2020

“حمى الشراء” في ظل كورونا.. كيف يمكن كبحها وتخفيف آثارها؟

الجديد نيوز

مع انتشار فيروس كورونا في أنحاء العالم، مجبراً الشعوب على البقاء في بيوتها في ظل التدابير الاحترازية التي تتخذها الحكومات لمنع ازدياد عدد المصابين به، برزت ظاهرة ازدياد الشراء والاستهلاك بشكل أكبر من الطبيعي بمراحل.

وفي أغلب دول العالم برزت ظاهرة شراء كميات كبيرة من الأغذية، ما جعل المتاجر والأسواق تفرغ من بعض السلع الرئيسية مثل الأرز والبقوليات بالإضافة إلى اللحوم الحمراء والبيضاء والحليب، فضلاً عن سلع التنظيف والمعقمات والكمامات والقفازات.

وفي إطار ذلك ازدادت الأعباء المادية على معيل الأسرة، في ظل توقف معظم الأعمال والمهن.

وفرض العديد من الدول حظر تجول جزئياً أو كلياً، بالإضافة لقراراتها بإغلاق إجباري لأغلب الشركات والمؤسسات والمقاهي والمتاحف والأماكن الأثرية والسياحية، حتى الأكشاك الصغيرة والعربات المتجولة، ما يعني وجود آلاف من العاطلين عن العمل وقلة الدخل لدى الكثير من العوائل حول العالم.

ومن هنا تبرز مشكلة أزمة الاستهلاك المتضخمة وأثرها على المجتمع، في ظل تفشي وباء عالمي مثل كورونا، الذي وضع البشرية جمعاء أمام تحدٍّ جديد لم تكن مستعدة له.

هلع وحمى تسوق

إقبال كثيف على التسوق في زمن كورونا
إقبال كثيف على التسوق في زمن كورونا

ويبدو أن الهلع من الفيروس عزز المخاوف لدى الكثيرين من أن يتحول الموضوع إلى سيناريو كارثي لا يمكن التعامل معه بسهولة فيما بعد.

فقد باتت الكثير من رفوف المتاجر فارغة، وإن كان الأمر بدا منضبطاً في دول الشرق الأوسط حتى الآن، إلا أنه لم يكن كذلك في الولايات المتحدة وكندا والدول الأوروبية، التي نفدت منها الكثير من السلع فعلاً.

وتخشى بعض الحكومات من تحول الأمر إلى فوضى جراء ردود الفعل غير المحسوبة والإقبال المبالغ به من بعض المجتمعات على التسلع والشراء، في سابقة غير معهودة.

وقال جيسي كولومبو، الباحث الاقتصادي والكاتب بمجلة فوربس الاقتصادية الأمريكية، وهو من بين من تنبؤوا بالأزمة المالية العالمية في 2008: إن “تداعيات فيروس كورونا هي الأخطر حالياً؛ لأنها ستمتد إلى جميع مناحي الحياة، وخاصة الاقتصاد، وهناك بوادر أزمة اقتصادية عالمية بسبب تباطؤ الإنتاج في عدة دول، وتعطل بعض مناحي الحياة”.

ودعت بعض الحكومات لترشيد “حمى” الشراء والاستهلاك المنتشرة بشكل متباين حول العالم، إلا أنها بدت في الدول الاقتصادية الكبرى أوضح وأوسع انتشاراً من الدول الفقيرة، رغم انتشار الفيروس في جميعها.

فقد خصصت الحكومة الألمانية 300 موظف للسهر على بلاغات المواطنين فيما يخص حالات الطوارئ المرتبطة بالأمر، موصية بشدة على عدم الشراء بطرق مفرطة.

وحثت الحكومة مواطنيها على أن تكون جميع المواد الغذائية قابلة للتخزين دون تبريد، كما يجب الانتباه لتاريخ الصلاحية، ويجب استهلاك المواد الغذائية حسب التتابع، أي حسب تاريخ شرائها كي لا تتعرض للفساد.

وفي المنطقة العربية كمصر، التي يرزح قسم كبير من شعبها تحت ضائقة الفقر (يرجح انتشار الفيروس فيها بشكل كبير)، ارتفعت أسعار المنتجات بشكل جنوني لتصل إلى 35%، مع فرض حظر التجول وشراء كميات كبيرة من السلع، خصوصاً الفول والحبوب والدواجن، في ظل غياب العديد من السلع كالمطهرات والمعقمات، مع توقع عودتها ولكن بأسعار مضاعفة.

أما منطقة الخليج العربي؛ ففي الكويت مثلاً قالت وزارة التجارة والصناعة إن تحديد سقف المشتريات الاستهلاكية قائم بقوة ما لم يتغير السلوك الاستهلاكي المفرط الذي بدا من البعض، وتم رصده في 22 و23 مارس الجاري، بحسب صحيفة “الرأي” المحلية.

وأضافت أن قرار تحديد سقف للمشتريات مثل قرار حظر التجول لا ترغب الحكومة في تطبيقه، لكنها قد تضطر إليه إذا استمر الإسراف غير المبرر في الاستهلاك؛ حفاظاً على المخزون الاستراتيجي.

وأشارت الصحيفة إلى أن الوزارة رصدت وجود نشاط لبعض المافيات التي سعت إلى الاستفادة من الأزمة عبر زيادة مشترياتها من السلع الغذائية الرئيسية بهدف تخزينها، ومن ثم إعادة بيعها لاحقاً، ومن ثم تحقيق هوامش مضاربية كبيرة، مستغلة ثبات الأسعار الذي أكدته الوزارة.

وأوضحت الوزارة أنه رغم وجود فوائض كبيرة في المخزون الاستراتيجي، سواء لدى الدولة أو للقطاع الخاص، من السلع الغذائية الرئيسية، فإنه من الناحية العملية يمثل سوء الاستهلاك تهديداً قوياً لأي مخزون مهما كانت قوته، لا سيما في ظل تباطؤ تدفقات السلع الغذائية على مستوى العالم.

وأكّدت أنه في حال استمرار مظاهر الاستهلاك السلبية ستضطر الوزارة إلى تحديد سقف للمشتريات، في مسعى منها إلى الحد من معدلات التلف التي تتزايد عادة في ظل عمليات التخزين غير المبررة وغير الآمنة، والمدفوعة باعتبارات نفسية وليس للحاجة.

والكويت (وأغلب دول الخليج بنسب متفاوتة) تستورد المواد والسلع والأدوية الأساسية من الخارج بنسبة 90%، وفق الأرقام الرسمية، ما يجعل تلبية الاحتياجات في ظل الوضع الراهن أبطأ.

وكانت معظم الحكومات في العالم أصدرت قرارات تمنع من تصدير المستلزمات الطبية وأدوات التطهير بشكل مؤقت حتى يتضح إلى أين تسير تطورات تفشي كورونا في العالم.

كيف يُحدد سقف المشتريات؟

 

عملية التسوق باتت تحتاج الوقوف في طوابير
عملية التسوق باتت تحتاج الوقوف في طوابير

وفي ظل استمرار شراء السلع بشكل مفرط وفائض عن الحاجة قد تضطر بعض الدول لسن قوانين لتحديد سقف المشتريات بهدف إبقاء السلع متوازنة في السوق، وعدم وجود نقص لدى فئة من الشعب لم تستطع أن تشتري حاجياتها.

وحتى الآن لا يوجد دول فرضت هذه القوانين بشكل حاد، إلا أن بعض المتاجر الخاصة في بريطانيا منعت بعض الأشخاص من شراء ما يفوق حاجته من الحاجات الأساسية، مذكرة بأنه من حق الآخرين الشراء أيضاً.

وفرضت سلسلة متاجر “تيسكو” قيوداً على شراء خمسة منتجات؛ هي المعكرونة، والمناديل المعقمة، وصابون غسل الأيدي، والحليب المبستر، والبخاخات المزيلة للبكتيريا، وأكدت الشركة أنه ستحدد عدد القطع المسموح بها لكل زبون، وقد تشرع في عملية الطلب المسبق عبر الإنترنت قبل الحصول عليها في المتجر.

وعلى المنوال نفسه أعلنت سلسلة متاجر “وايت روز” أن هذه القائمة من المنتجات لن يتم بيعها إلا عبر الإنترنت، مع تحديد نسبة الاستهلاك لكل فرد، أما متاجر أخرى فاختارت أن تضع سقفاً لشراء معقمات الأيدي فقط، وحددت هذه المتاجر قطعتين من المعقم لكل فرد.

ويستهدف قرار تحديد سقف المشتريات شركات المتاجر الكبرى (السوبر ماركت)، والمتاجر الوسطى والدكاكين، بالإضافة إلى الأسواق والجمعيات التعاونية في بعض الدول، حيث تعمل الحكومة على تحديد الحد الأعلى من الكمية التي يمكن لأي شخص شراءها خلال فترة محددة.

كما تخشى الدول من حالات الاحتكار التي تحصل في مثل هذه الأزمات، حيث يقوم بعضهم بتخزين أكبر قدر ممكن من السلع المطلوبة، وينتظرون ساعة انتهائها من السوق لينشروها مجدداً، ولكن بأسعار أعلى.

كما تتخذ الحكومات مثل هذه التدابير لمنع غياب أي سلعة أساسية؛ كالخبز أو الطحين أو الأرز أو البقوليات أو الحليب أو اللحوم أو الماء، الأمر الذي قد ينذر بكارثة مجاعة.

ما الذي يدفع لسلوك كهذا؟

الإقبال الكثيف أفرغ واجهات الأسواق من سلعها
الإقبال الكثيف أفرغ واجهات الأسواق من سلعها

ورغم دعوات الهدوء والتروي في التعامل مع الجائحة المنتشرة عالمياً، فإن فراغ رفوف المتاجر أشعل حالة نفسية بضرورة الشراء أيضاً كغريزة للبقاء وخشية عدم وجود ما يكفي فيما بعد.

أستاذة إدارة الأزمات والمخاطر في جامعة القاهرة، لبنى فايق، قالت إن هناك ضرورة لوضع خطط عاجلة لمواجهة مثل هذه المواقف.

وأكّدت ضرورة التعامل مع مثل هذه الأزمة بمنهج علمي “يعتمد بصورة أساسية على طمأنة الناس وتوعيتهم، وتهيئتهم لاحتمالات انتشار الفيروس، مع سرعة الاستجابة لأي حالات قلق جماعي، أو مواقف قد تخرج عن السيطرة”، بحسب شبكة “بي بي سي”.

وحذرت من المبالغة في الدعوات إلى تخزين السلع وأدوات النظافة بهذا الشكل الذي ليس له ما يبرره، وقد يؤدي إلى مزيد من القلق الذي يدفع الناس إلى ما يعرف بـ”هستيريا” الشراء.

ويرى مراقبون أن انتشار “هستيريا” الشراء لا يؤثر على الجانب الاقتصادي الشخصي عبر صرف كل الموارد الموجودة لدى العوائل، إنما أيضاً يضر بتوازن المجتمع؛ حيث تنقص أساسيات يومية من بيوت، فيما قد تنتهي مدتها مع التخزين ولا تستخدم.

المصدر: وكالات

التعليقات على “حمى الشراء” في ظل كورونا.. كيف يمكن كبحها وتخفيف آثارها؟ مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول

تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…