مشاهدات يكتبها ذ. الرحيبي: عام الفخفاخْ
بقلم: حسن الرحيبي (*)
لقد مرّ المغاربة بسنوات صعبة وشاقّة للغاية ربطوها بأسماء أحداث أو أشخاص ميّزوا المرحلة بفعل أو نجاح معيّن أو كارثة من الكوارث الطبيعية أو البشرية… مثل عام العويطة وعام السكّاح وعام البون وعام القيس وعام الطاعون وعام يرني وعام بوگليب …
وأقلها عام أمل حياتي وعام سواح وقد ارتبطا بتوافق قدوم أم كلثوم للمغرب عام 68 وأدائها لأغنية أمل حياتي الشهيرة بانتشار مرض الحكّة أو الجّرب (la gale) في كل أنحاء المغرب.
وقدوم عبد الحليم حافظ في بداية السبعينات وأدائه لأغنية سوّاح وتوافق ذلك مع ذيوع مرض للعينين مثل الرّمد سماه المغاربة «سوّاح» تيمناً أو تطيراً من الأغنية الجميلة : سوّاح وماشي في البلاد سواح …
وعام البون أي الأقساط التموينية الفرنسية les bons d’alimentation حفنة دقيق للراس. وعام رويزة أي توزيع أيزنهاور eizenhauer علينا شعيراً أمريكياً متميزاً يشبه الرزّ في مجاعة سنة 1960 …
أما عام الفخفاخ فقد تميّز بتردد اسم الوزير الأول التونسي والأخذ والردّ في شأنه وشيوع الجفاف وحرارة شمس فبراير وبداية هلاك الزرع والضرع، وأيضاً انبعاث مرض جديد تميز بالشراسة وسرعة الانتشار انطلاقاً من الصين ومروراً بكوريا وإيطاليا … وتوجس الجميع وانتظارهم الرحيل قبل الرحيل …
فهل يخيف المغاربة عام الفخفاخ ؟
طبعاً لا نملك قوة صمود أجدادنا أمام مجاعات مدمّرة صاحبها انتشار مرض الطاعون بالمغرب لمدة 11 سنة من سنة 1600 حتى سنة 1611 قضى فيها خلق كثير على رأسهم بوعبيد الشرقي دفين أبي الجعد وأحمد المنصور الذهبي أقوى وأغنى ملوك المغرب حتى اليوم على الإطلاق.
كما أكل فيه المراكشيون أبناءهم بعد طبخهم في القدور … وأيضاً مرض الطاعون الذي انتشر بمغرب سنة 1798 رغم خصوبته وغزارة أمطاره فلم يجد الزرع من يحصده بعد موت الجميع إلاّ القليل ممن نجا من معركة الطاعون … وظل واقفاً بسنابل طافحة لعدة سنين …
وكذلك تساقط أحجار ونيازك بغزارة على مدينة الرباط في أواسط نفس القرن كما ذكر الناصري في الاستقصا. ثم بعد ذلك بحوالي القرن جاء دور عام التيفوس le typhus المرتبط بالجوع وأمراض الأمعاء سماه المغاربة بعام القيس أو العدوى إلى درجة اشتكاء الناس من التمييز بين الموتى في الدفن حين ظلّ الشاب ولد بوشعيب من الصديگات يبكي طول النهار لأنهم لم يبادروا بدفن أمه عام 1942 حتى المساء بينما شرعوا في دفن الأغنياء منذ طلوع الفجر … كما نبش الناس القبور وارتدوا أكفان الجثث أو باعوها … واقتلعوا الأسنان المذهّبة للموتى من بطون القبور الموحشة وباعوها للصاغة اليهود أو العطارة الطوافين بالقرى والدواوير …
نفس الشيء بمصر الفاطمية حين صنع الجوعى مخاطيف التقطوا بها المارة ورفعوهم للسطوح على حين غرّة وقبل أن يرتدّ إليك طرفك… بهدف طبخهم وأكلهم . كما أكلوا بغلة الوزير حين جاء لتفقد الوضع بالقاهرة.
وفي البصرة أثناء حصار الزنوج أواسط القرن الرّابع الهجري جاءت امرأة لتشتكي أكل أختها من طرف القوم دون أن يمنحوها سوى الرأس والكرعين.. !
طبعاً عام الفخفاخ ليس بالأسوأ ممّا سبق على كلّ الأحوال …
(*) أستاذ الفلسفة والفكر الإسلامي
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…