في مؤلف جديد.. الدكتور لرزق يستعرض المسألة الانتخابية بالمغرب
الجديد نيوز
أصدر الدكتور رشيد لزرق، خبير القانون الدستوري والأستاذ الجامعي، مؤلفه الجديد تحت عنوان “المسألة الانتخابية بالمغرب: مساهمة في دراسة مقارنة للأنظمة الانتخابية”، والذي هو عبارة عن عمل علمي وأكاديمي .
يتناول الكتاب بالدراسة والتحليل النظام الانتخابي مرتكزا على بروز الانتخابات الحرة والنزيهة كشرط من شروط تحقق الديمقراطية وفق ما تقدم به أعلام العلوم السياسية.
وفيما انطلق لزرق من بديهية انعدام تفسير موحد لمصطلح الديمقراطية، يعتقد جزما بأن هكذا تعدد في المفاهيم انعكس بدوره على تحديد مفهوم موحد للانتخابات الديمقراطية، إذ عرف جوزيف شومبيتر الديمقراطية بـ “مجموعة من الإجراءات والمؤسسات التي يستطيع الأفراد من خلالها المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية عن طريق التنافس في انتخابات حرة”، فيما اتجه روبرت دال إلى كونها “مجموعة من المعايير القاطعة التي تُحدد معالم الانتخابات الحرة والنزيهة، كما لا توجد منهجية واحدة يمكن من خلالها وضع مؤشرات محددة وشاملة للانتخابات الديمقراطية”.
واعتبارا لوجهة نظر “روبرت دال” يقدم الخبير في الشؤون السياسية الانتخابات على أنها “ذروة الديمقراطية وليس بدايتها” لأنها لا تسبق الديمقراطية، ولا تنتج لا الديمقراطية ولا الحريات والحقوق، وإنما هي إجراء ديمقراطي لا يكفي بذاته لخلق ديمقراطية سلمية، وذلك لكون الفكر الديمقراطي مبني على ضرورة احترام الحريات والحقوق الأساسية مع ضمان الحوار بين الحاكم والمحكوم، كما جاء في الكتاب الذي صدر هذا الأسبوع.
وعرج الدكتور لزرق على التراكم التاريخي الذي يعرفه النظام السياسي المغربي على ضوء التجارب الدولية باعتبار هذا التراكم التاريخي في الانتخابات في الدول الغربية شكل الوسيلة الوحيدة للوصول للسلطة، وأضحى مبدأ راسخا في الأنظمة الليبرالية، كإفراز للحياة المشتركة للمجتمعات البشرية، التي تترتب عنها صراعات مريرة وعنيفة، سببها التدافع الطبيعي بين مصالح الأفراد واختلاف تطلعاتهم، وخاصة مراكزهم في المجتمع بين حاكم ومحكوم، وهو الاختلاف الذي كان عالج في السابق بأساليب عنيفة، كالثورات والحروب الدامية، بما فرض البحث عن ممارسة ذات طابع سلمي وحلول تدريجية لهذا الصراع، وقد تم ذلك باللجوء إلى تقسيم السلطة في المجتمع عبر اختيار المسؤولين الأكفاء والبرامج الفعال لتسيير الشؤون العامة للمجموعة، ومن تشكل الوعي بنجاعة الانتخابات وتقنيات الاقتراع كوسيلة لا غنى عنها لتحقيق ذلك التنظيم الجديد للمجتمع.
ومن خلال النبش في “كرونولوجيا” الانتخابات وتحديد مفاهيمها، يعتبر مؤلف كتاب “المسألة الانتخابية بالمغرب” أن الانتخاب في جوهره هو أداة للمشاركة السياسية الشعبية، وتسيير للشأن العام، عن طريق الهيئات التي تنتخب لهذا الغرض، سواء على المستوى الوطني أو المحلي، فيما تؤدي هذه المشاركة بالضرورة إلى إثارة المنافسة بين الفاعلين فيها بصفتهم ناخبين أو منتخبين.
ولأن الديمقراطية لا تحدد أسسها وفق نظريات إيديولوجية فقط، بل هي نتاج لظروف الاجتماعية و السياسية والتراكمات التاريخية، ارتأى الخبير في القانون الدستوري والشؤون السياسية عدم الاقتصار على النصوص الدستورية والقانونية بغية التعرف على البيئة السياسية والإطار الاجتماعي، للإجابة على إشكالية مدى قدرة النظام الانتخابي المغربي بمفهومه على توفير تحصينات ديمقراطية فيما يخص المنافسة السياسية..؟
ويستند الدكتور لزرق، في دفاعه عن أهمية تمحيص “المسألة الانتخابية في المغرب” على التحولات التي باتت تعرفها بعض الدول على المستوى الإقليمي، فمن خلال متابعة الحراك الأخير الذي شهدته المنطقة العربية، والذي طرح موضوع الانتخابات كوسيلة لتعيين الحكام، فضلا عن الأهمية المتميزة للانتخابات في المغرب، باعتبارها تجربة ديمقراطية ناشئة، تشهد محاولة تكريس الخيار الديمقراطي وممارسة التقاليد الحرة في تعيين الحكومات بالكثير من الصعوبات والعراقيل التي تترجم الصراعات الاجتماعية وتجاذب موازين القوى بين مختلف التيارات السياسية الفاعلة في المشهد السياسي.
ويتطرق المؤلف الجديد كذلك إلى الحق في الانتخاب باعتباره حق المواطنين من أجل مشاركتهم في سياسة شؤون بلدهم مباشرة أو عبر ممثلين يتم إختيارهم بحرية، وذلك ما اعتبرته المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان خصوصاً في يخص المادة 21 منه، إضافة للفقرة الثالثة من نص الإعلان والتي حددت الصفات أو الخصائص التي يجب أن يتمتع بها حق الانتخاب وهي “الدورية، النزاهة، العمومية، المساواة، السرية”.
ويؤكد المؤلف إلى أن الحق في الانتخاب هو أبرز الحقوق المدنية والسياسية وأحد الركائز الأساسية للديمقراطية الحديثة، كما ينظر إليه الفقة الدستوري باعتباره أحد الحقوق الطبيعية، ولا يمكن سحبه من الشعب على حد تعبير جان جاك روسو إنطلاقاً من مبدأ السيادة الشعبية، بينما يرى فيه البعض الآخر نوعاً من الواجب الملزم قانوناً؛ كما حصل في العديد من الدول الديمقراطية التي اعتمدت التصويت الإلزامي ، وقد جمع فريق ثالث بين الرأيين، إذ رأى فيه نوعاً من الواجب والحق في نفس الوقت.
ويتميز هذا العمل الأكاديمي الجديد لخبير القانون الدستوري، بجدته ورصانته وعمق مقاربته، بعدما توفق صاحبه إلى حد بعيد في مقاربة مقارنة للأنظمة الانتخابية وفلسفتها وطبيعة وآثار كل نوع منها في تدعيم الديمقراطية باعتبار أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي طبقا للفصل 11 من الدستور .
وما يزيد العمل تميزاً وتفننا كون صاحبه لم يعتمد على عملية عملية التنظير فقط بل ذهب إلى حد المزاوجة بينه وبين الدراسة العملية والتقييمية للمسألة الانتخابية بالمغرب من كل جوانبها السياسية والقانونية والقضائية ابتداء من التقطيع الانتخابي وتحديد اللوائح الانتخابية ومرورا بنمط الاقتراع وإعلان نتائجه، وانتهاء بالطعن فيها، وذلك بأسلوب سلس وشيق يجمع بين سوسيولوجيا القانون الانتخابي والسلوك الانتخابي وأثرهما على تحديد اختيارات الشعب مصدر السلطات.
وخلص المؤلف إلى أهمية ضمانات ممارسة الحقوق والحريات الخاصة بالمشاركة السياسية في تفعيل المبادئ الديمقراطية والسيادة الشعبية ،كما كرستها اجتهادات القضاء الدستوري المغربي والمقارن من حماية حرية التصويت والحق في الترشح، وترسيخ ضمانات التعددية والتنافسية ،وضمان المشاركة الفعلية في الحياة السياسية لفئات واسعة من المجتمع ،وفق مقاربة النوع الاجتماعي ومراعاة التمثلية النسائية في أفق المناصفة .
هذا ويعد هذا العمل الجديد دليلا مرجعيا متكاملا لتقنيات ودقائق الانظمة الانتخابية في بعديها النظري والعملي ،وفق مقاربة متعددة التخصصات للعلوم القانونية والاجتماعية، بما ينم عن علو كعب المؤلف، وسعة اطلاعه، وتفرد مقاربته، مما يجعله جديرا بالقراءة، والإشادة ، وأهلا لأن يحتل مكانة متميزة في الخزانة القانونية المغربية والعربية وينال منه المهتمين والطلبة العلم القانوني الأكيد.
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…