‫الرئيسية‬ وجهة نظر إخوان العدالة والتنمية وأوهام عبد الصمد بلكبير
وجهة نظر - 14 يناير 2020

إخوان العدالة والتنمية وأوهام عبد الصمد بلكبير

 

بقلم: د. رشيد لزرق (*)

أسلوب تبادل الأدوار، بات أسلوبا أصيلا لتنزيل إستراتيجية قوى التدين السياسي، ذات الجذور الإخوانية.

وما يظهر من حمم الصراع المتطاير، بين التيار البرغماتي الذي يتزعمه سعد الدين العثماني، والتيار المزايد الذي يتزعمه ابن كيران، هو مجرد تكتيك سياسي الغاية منه تدبير الحكومة، وفي نفس الوقت معارضتها، فابن كيران الذي لبس عباءة المعارض، ويتظاهر بالرجوع للوراء في نفس الوقت، يسير من خلال ستار الأزمي رئيس المجلس الوطني الذي يلعب دور واجهة ابن كيران، بغاية تصريف خطة متفق عليها مسبقا تقوم على أساس تبادل الأدوار، تخول لهم الاستفادة من الامتيازات الحكومية وفي نفس الوقت عدم تحمل المسؤولية السياسية للقرارات التي يتخذونها.

إن هذا الأسلوب يمثل ضربا قويا للفلسفة الديمقراطية، ووضوح الموقع، وكذلك قمة اللامبالاة والتعامل اللامسؤول بقضايا الوطن التي من الممكن أن تصبح أسبابا لكوارث مقبلة بدأت تلوح بوادرها عمليا في الأفق..

وحديث الأستاذ عبد الصمد لكبير، بكون العدالة والتنمية مقبل على انقسام أو إنقلاب هو تركيب لا يستقيم، وعدم قدرة على فهم الظاهرة الإخوانية، وفق أدواته العلمية المتجاوزة. فالمنهج المقارن الذي اعتمده بالمقارنة والقياس بين أوجه التشابه والاختلاف بين ظاهرتين لا يسعف في الفهم المعرفي القائم على معرفة أنماط سياسية مختلفة، فالعدالة والتنمية في أصلها جماعة دعوية وبالتالي هي خلاف التعبيرات السياسية التي أفرزتها التربة المغربية هي أداة أفرزها سياق دولي لتنظيم عالمي، حركة إخوان المسلمين. وهذا ما يجعلها مختلفة عن البنيات الحزبية، ولهذا فإن لا مقارنة مع وجود الفارق، وذلك ليشرح الاختلاف بين الانشقاق الذي شهده الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عن حزب الاستقلال، بانشقاق داخل العدالة والتنمية جناح ابن كيران عن حناح العثماني، لكون هناك اختلاف على مستوى السياق التاريخي والتنظيم أو على مستوى المشروع…

ويبدو أن هناك خلطا في تفسير المظاهر الحزبية بالمغرب لدى العديد من الباحثين والمحللين، فهم عندما يقارنون تجربة العدالة والتنمية بتجربة الاتحاد الاشتراكي، فإنهم يخرجون بخلاصات تبسيطية لا يمكن أن تفسر جوهر الظاهرة، لأن المقارنة لا تستقيم بالنظر للاختلافات في طبيعة البنى التنظيمية والمشروع لكل من الحزبين.

وهكذا فحزب الاستقلال كان جبهة جمعت جل المغاربة المطالبين بالاستقلال والمحافظة عن الذات ومواجهة الآخر.

والانشقاق كان طبيعيا لكون مرحلة الاستقلال أفرزت تباين فلسفة التدبير وطبيعة الدولة وفلسفتها بين اتجاه استقلالي منبهر بالتجربة القومية واتجاه اتحادي مؤمن بالاشتراكية والتحرر والحداثة.

وعليه فإن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وبعده الاتحاد الاتحاد الاشتراكي، كانت بنيته التنظيمية، جبهة أكثر منها حزب، لكونه كان يضم تيارات متعددة المشارب فيها الاشتراكي والإسلامي والقومي والثوري والإصلاحي… مما جعل بنيته التنظيمية قائمة على التباين والصراع بين هذه الروافد الفكرية التي اشتركت كلها في ضرورة ترسيخ المشروع الديمقراطي، الذي يقوم على كون دمقرطة المجتمع تمر لزاما عبر دمقرطة المؤسسات والدولة.
أما على مستوى العدالة والتنمية، فهو حزب سياسي تشكل بعدما كان جماعة دعوية، وهذه الجماعة قائمة في الأصل على مشروع دعوي، نواته الصلبة جماعة التوحيد والإصلاح، والتباين لا يحسم بالديمقراطية حتى وإن ظهرت في بعدها الشكلي، فهي لا تعدو أن تكون ديمقراطية الواجهة، لا بعد قيمي لها، كما أن القيادات لا تترجم اختيار الإرادة العامة، بل من خلال “الغلبة” باعتماد البيعة التي هي قاعدة شيوخ الجماعة؛ خاصة بمحيط الزعيم..

ومن جهة أخرى أن هذا “الغالب” يصبح هو الزعيم الآمر والناهي في التنظيم، لا مجال فيه للمبارزة الفكرية أو المشاريعية الواقعية بتداول من طرف القيادة.. إذ يُكتفى بما يسمى بمفاتيح التنظيم، الذين غالبا ما يكونون مدعومين من شيوخ الجماعة المؤيدين مسبقا لطرف دون آخر.

وبالتالي من الصعب فهم البنية المتشابكة للعدالة والتنمية وفق مقاربة مؤسساتية أو عددية لأية جهة.. وبالتالي فيمكن أن تأتي في آخر المطاف فتوى من شيوخ الجماعة، وتكون هي الحاسمة في الأخير لهذا الطرف أو ذاك.

خلاف ما اتجه فيه البعض، فإن المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، وتطرقهم للقانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، لا يظهر تناقضا داخل العدالة والتنمية بين جناح ابن كيران وجناح العثماني لكونه من طبيعة التكتيك السياسي الذي اعتادت عليه العدالة والتنمية.

كلنا علينا الإخراج الذي تم فيه التصويت للامتناع وليس بالحسم، بمعنى أن التناقض تم تصديره خارج البنية التنظيمية، في رسالة واضحة التنظيم أسبق من التحالفات المؤسسية ولو كانت الحكومة أو البرلمان، وخروج العثماني بشكل رجعي للإشادة بالقانون الاطار لا يعني أن هناك شرخا، بل ظروف المرحلة ونحن مقبلون على سنة انتخابية تفرض أن تهدد التحالف الحكومي قبل الوصول للانتخابات.

فالعدالة والتنمية يلعب على الوقت، ومستعد في حالة فشل الحكومة، أن يتنصل من المسؤولية السياسية وينقلب على الحكومة ويخرج ابن كيران.
بالشكل ليس كما عالجه البعض بكونه خلافا ذي عمق فكري وإيديولوجي، وعدم حضور حضور ابن كيرن للمجلس الوطني ليس مؤشر قطيعة إيديولوجية وفكرية وسياسية، بل يدخل ضمن هذه الاستراتيجية الثابتة عند العدالة والتنمية.

(*) أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري

التعليقات على إخوان العدالة والتنمية وأوهام عبد الصمد بلكبير مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول

تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…