القاضي حكيم وردي يكتب عن القاضية أحفوظ: قلب بسعة الحلم
بقلم: حكيم وردي (04/09/ 2014)
إليها وقد غادرتنا في أوج العطاء لتلتحف بالسواد النبيل الذي يليق بنضالها الأصيل …لولا أن المحاماة هي الحاضنة لكانت خسارتنا فادحة
تقدم الدكتورة رشيدة أحفوظ دروسا بليغة في نبل الأخلاق، وصفاء الطوية، والسعي الجزيل بالخير بين البرية. وتذكر لها شواهد الحال أنه عندما كانت تدلهم الخطب، ويرخي ليل اليأس سدوله قامعا شمس الأمل في تدفئة الصقيع الزاحف على الجروح المفتوحة، تنبري الدكتورة من الغبش كالبلسم الشافي لتوقظ فينا الرغبة على الإعتقاد بأنه مازال على هذه الأرض ما يستحق العيش، وأن أطروحة هوبز حول الانسان الذي هو ذئب لأخيه الإنسان ليست صالحة للانطباق على البشر في كل زمان ومكان. فعلا، نحتاج كثيرا للتعلم من الأستاذة رشيدة أحفوظ،…مثلا أن النهوض بجلائل الأعمال لا يقتضي التربع على كرسي الزعامة بقمرة قيادة سفينة عاجة بالأشياع، وأن المصداقية باعتبارها الرأسمال الرمزي الكفيل بالتتويج على قلوب الأتباع، لا تنال بالدعاية الجوفاء، أو الكلام المنمق المرسل على الهواء. وأن أفضل طريق للقول هي الفعل، وأن إخلاص النية في الدفاع عن المبدأ، والانتصار للقيم الاسلامية الخالدة: بالترفع عن الأحقاد، وإشاعة الطمأنينة في وجه القبح والضغينة وإدامة السلام والسكينة وحدها الكفيلة بالبرهان على أنه انتصر فيك الانسان. فبعدما انتزعت بجدارة مكانا مستحقا كرئيسة الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف تتويجا لمسار مشرف في الممارسة القضائية داخل المدينة المليونية، منذ أكثر من ربع قرن، وبعدما نجحت في إدخال العمل القضائي إلى البيوت ببرنامج موفق هو الأكثر مشاهدة من المغاربة، وبعدما قدمت صورة مشرفة عن القضاء المغربي الكفء، المنفتح على محيطه، المندمج في مسار التنوير، المنشغل بهموم المجتمع. وبعدما أصبحت أيقونة في قانون الشغل، ممارسة، وتدريسا، وتنظيرا، وتحولت إلى سلطة مرجعية في مادتها يرجع إلى مؤلفاتها الفقهية طلبتها في المعهد العالي للقضاء، وفي الكلية، والقضاة في المحاكم، والمحامون في المكاتب، ومختلف الباحثين والدراسين، وبعدما احتفت بعطائها الخصب الجمعيات الحقوقية، والفنية، والصحافة الوطنية… فقد كان من الطبيعي أن يكون ولوج الدكتورة إلى العمل الجمعوي المهني مطبوعا بهذه التجربة الغنية التي جعلت منها مفردا بصيغة الجمع. وينبغي الاعتراف أن الجمعية المغربية للقضاة بقيادة ذ.أحفوظ وانخراط قوي لزميلتنا ذ. سعد سعيدة هي الجمعية المهنية الوحيدة التي حرصت على الممارسة الراشدة دون خسائر في العلاقات، بل أكسبتها الممارسة هوية فريدة قوامها السعي إلى رأب الصدع، ووأد الخلاف في المهد، وإصلاح ذات البين، وجمع ما قد ينفرط من حبل المودة. وهكذا كانت للجمعية مواقف ناضجة، قائمة على جعل المصلحة العليا للقضاة فوق كل اعتبار، وتمكنت من تحقيق منجزات حقيقية دون ضجيج أو ادعاء، فعلى الصعيد الاجتماعي أبرمت اتفاقيات مهمة لفائدة القضاة مع كبريات شركات الانعاش العقاري (الضحى) ومؤسسات التمويل، وعلى المستوى المهني تقدمت بمشروع متكامل حول مسودتي القوانين التنظيمية، وعلى المستوى الثقافي نظمت ندوة وطنية حضرها مجموع الفاعلين في المنظومة، مثلما حرصت على الحضور القوي في مختلف القضايا التي طرحت على النقاش العمومي. ورغم اشتغالها على أكثر الملفات احتراقا، فقد حافظت ذ. احفوظ وأصحابها في الجمعية على رباطة جأش، وسلامة القصد، وتمكنوا من تكميم الأفواه المشرعة على السباب الرخيص، بالعطاء المثمر على الأرض، فنزعوا فتيل الغضب من الساكنة في قضية مول السباط، ورافعت ذ. أحفوظ أمام المجلس في قضية نائب تازة، وتدخلت بخيط الصلح في نزاع زميلنا جابر مع المحامي طوطو، وأدى عضو الجمعية الزميل مصرف ضريبة المرافعة في ملف قاضي الجديدة، بأن أحيل على التقاعد بدون تمديد، وأخيرا وليس آخرا التدخل في إطار لجنة المساعي الحميدة لتجاوز سوء الفهم الذي نشب بين مدير الشؤون المدنية والدكتور الهيني لتجنبنا صراعا هامشيا نحن في غنى عنه (*). وطيلة هذا المسار المشرف في العطاء الميداني، تحولت الأستاذة أحفوظ إلى حمامة سلام، تزرع المحبة، وتنشر الوئام وتقدم الدليل على ما ينبغي أن نتحلى به من القيم القضائية الرفيعة، حيث لا شقاق، ولا نفاق، ولا سباب. فقط أخوة في الانتماء، والبقية تفاصيل بدون معنى. (*) (كتبت هذه الشهادة قبل عزل القاضي الهيني الذي صار محاميا بدوره)
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…