رسالة إلى رئيس مجلس النواب: الحبيب المالكي: ما هكذا يرقى عمل مجلس النواب !
بقلم: د. رشيد لزرق (*)
السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب؛
إن موضوع ثقافة الريع يطرح نفسه بإلحاح في عمل لجنة شكيب بنموسى الخاصة بالنموذج التنموي. لذا يؤسس ردنا على تصريحاتكم بصفتكم رئيس مجلس النواب، والمتعلقة بدفاعكم اللاواعي واللامسؤول عن ريع معاش البرلمانيين.
نعم – سيدي الحبيب المالكي- إن المدخل الثقافي له راهنيته التي تتطلب تغيير عقليات الريع البرلماني – حتى لو كان في شقه المالي رمزيا- ، لكنه في شقه الدستوري هو المبدأ الذي ينبغي السير في طريقه قدما من أجل اسقاط مختلف أشكال الريع السياسي ومكافحة التمييز بين أبناء الوطن الواحد، وتكريس مفهوم المواطنة، وحث الفاعلين السياسيين على الإيمان بمغرب المساواة والحقوق والواجبات.
نعم ؛ السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب؛
من الناحية المالية، فإن الصندوق المخصص لأداء معاشات البرلمانيين عرف اختلالات أدت به إلى الإفلاس لكون طريقة احتسابه تفترض أن عدد المشتركين ينبغي أن يكون أكبر من عدد المتقاعدين، مما وضع مسألة المعاشات أمام إفلاس لكون مجموع الاشتراكات لم يعد بمقدورها تغطية معاشات تقاعد جميع البرلمانيين الذين غادروا المجلس.
كما أن التكييف القانوني للعضوية في البرلمان هي صفة وليست وظيفة أو مهنة كباقي المهن، وبالتالي ما يتقاضاه البرلماني هو تعويض وليس راتبا أو أجر، وعليه فإن التعويض لا يستوجب المعاش.
لأن تمثيل الأمة هي علاقة سياسية بين البرلماني وبين الشعب وليست علاقة تعاقدية، أو نظامية تستوجب الأجر وما يتقاضاه البرلماني هو تعويض فقط، لأنه يفقد راتبه في مهنته الأصلية طوال فترة انتدابه حيث يخصص البرلماني جل وقته بالانشغال بالتشريع والمراقبة.
السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب؛
ففي الوقت الذي كان مأمولا فيه خلال الولاية الحكومية السابقة الانكباب على تحيين القوانين وملاءمتها مع دستور 2011، ظلت النخب السياسية تمتهن المزايدة، فلو كانت عندنا نخبة برلمانية مسؤولة لكانت جعلت من هذا القانون أول القوانين التي تستحق التحيين والملاءمة مع الدستور، عبر الإنطلاق من ذاتها، فقانون المعاشات يتعارض مع نصوص واضحة وصريحة في الدستور، خصوصا ما جاء في تصدير الدستور : والذي ينص على “حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو اللغة او الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان” والفقرة الأولى من الفصل 6 التي تنص على أن “القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع أشخاص ذاتيين واعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له” الأمر الذي يوضح بشكل لا غبار عليه بأن القانون الذي يؤسس لمعاشات البرلمانيين، يتناقض مع الدستور، فالأغلبية لم تبادر بالتحيين كما أن المعارضة لم تدفع بعدم دستوريته، بحيث لو تم الدفع بعدم دستوريته، كانت المحكمة الدستورية في هذا الاتجاه كذلك لأنه لا أعتقد شخصيا بأن هذه المحكمة ستعتبره متطابقا مع الدستور.
ويمكنني توضيح ذلك في أن نظام معاشات البرلمانيين يقوم على الاقتطاع الإجباري لمبلغ 2900 درهم كواجبات للاشتراك الشهري بالنسبة إلى النواب والمستشارين، والمبلغ نفسه تدفعه الدولة من المال العام في صندوق معاش البرلمانيين، يحدد المعاش الشهري لأعضاء البرلمانيين في مجموع 1000درهم، عن كل سنة تشريعية كاملة، وهو مبلغ يستفيد منه البرلماني بمجرد انتهاء عضويته بالمجلس، مما يجعله نظاما مشوبا بالتمييز بين المواطنين إذا ما قارناه مع باقي أنظمة التقاعد، لكون أن نواب الأمة جلهم يتوفرون على إمكانية الاستفادة من التقاعد بعد نهاية ولايتهم النيابية، فالذين يشتغلون في القطاع الخاص يستفيدون من نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في 63 سنة، وكذلك الشأن بالنسبة للبرلمانيين الموظفين في الوظيفة العمومية يستفيدون من التقاعد الخاص بهم .
السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب؛
المفروض في ممثلي الأمة أنهم يحاسبون الحكومة، ويرصدون الممارسات الخاطئة، سندهم في ذلك التفويض الشعبي الذي حصلوا عليه، غير أن دفاعهم عن ريع المعاش الحزبي هو مناقض للتعاقد الدستوري الذي دستر مبدأ المساواة، ويتنافى مع تحقيق العدالة الاجتماعية والالتزام الأخلاقى.
وبهذه النخب التي تحاول تدبير الريع بدل إسقاطه، يصعب الحديث عن تكريس الديمقراطية وتنزيل المبادئ الدستورية كممارسة عملية ويحول المؤسسة التمثيلية إلى ممارسة مظهرية لا تخدم عموم المواطنين.
الامر الذي يطرح جدية في تنزيل مطلب اسقاط الريع الذي هو شكل من أشكال الفساد، أمام نخب برلمانية تشجع استمرارية الممارسسات الريعية وهي ممارسسات لا تتناسب مع دولة القانون وسمو الدستور، ويعطي انطباعا محبطا حول مستقبل الديمقراطية فى ظل وجود نخب حزبية “عائلوقراطية”؛ مدافعة عن امتيازاتها الريعية. هذا الموضوع يوضح أن النخب السياسية غير قادرة على مجارات الزمن الدستوري، وإعادة تشكل المشهد الحزبي بات حاجة ملحة لكوننا نحتاج تغييرات جذرية فى العقلية، للقطع مع الريع وما يحدث الان هو تدبير الريع، ولتحقيق القيم الدستورية يتضح أن الطريق لازال طويلا وشاقا، لكن لابد من السير فيه، إلى نهايته.
السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب ؛
إن القانون رقم 92-24 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة البرلمانيين، كان يهم بداية إحداث نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب، قبل أن يتم تمديده إلى أعضاء مجلس المستشارين أيضا بمقتضى القانون رقم99-53 ، والذي يدبر من قبل الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين التابع لصندوق الإيداع والتدبير.
ولعل المثير في الأمر أنه تم التطرق لهذا الموضوع بإسهاب وطرح نقاشا كبيرا، ولكن ذلك بدون أسس علمية، بل وتم اليوم تحوير النقاش من طرف الحبيب المالكي في اتجاه منحى يروم المزايدة والإثارة، وهذا إن دل على شيءٍ إنما يدل على أن ثقافة الريع وتيار “العائلوقراطية” يدفعون الشباب المغربي نحو الكفر السياسي بالأمل ويدك مصداقية المؤسسات المنتخبة في قبر النفور عن المشاركة في استكمال بناء دولة العدالة الدستورية.
وبه الإعلام و السلام
(*) رئيس جمعية حقوق الإنسان- جهة الرباط-
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…