« الحق في المدينة» يجمع حقوقيين وأكاديميين بالدارالبيضاء
نظمت الكتابة الإقليمية بالحي الحسني الدار البيضاء للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان ندوة علمية احتفالا باليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار الحق في المدينة، وذلك يوم29 دجنبر 2019 ، ابتداء من الساعة الرابعة مساء بفندق فال أنفا
و افتتح المداخلات الدكتور عبد العزيز قراقي: أستاذ
التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
بالرباط ونائب العميد بها، وعضو المركز، تناول في بداية المداخلة نقطة مهمة، أكد فيها على ما أسماه بالمنعطف الأساسي والتحول الكبير في مفهوم حقوق الإنسان، كما تمت بلورتها في عصر الأنوار والثورات، التي شكلت أرضية فكرية وثقافية عبر عدة مسارات، ويتعلق الأمر بأحداث الحادي عشر من شتنبر 2001، و التي اتخذتها مختلف الدول ذريعة للتحرر من التزامها باحترام حقوق الإنسان، وأضحت هده الأخيرة مقتصرة على الحق في الأمن، ثم انتقل الأستاذ عبد العزيز قراقي للحديث عن التحديات التي تواجه حقوق الإنسان، ومن أبرزها العلاقة التكاملية والتبادلية بين الحق والواجب على مستوى الأفراد والمجتمعات، فالقيام بما يفرضه الواجب قد يكون شرطا في التمتع بالحقوق، والتمتع بالحقوق يفرض القيام بالواجبات، كما أقر الأستاذ المتدخل أن حقوق الإنسان تخدم الأقلية ولا تخدم الأغلبية، وانتقل لتحدي آخر يتعلق بالتحدي المؤسساتي ،وأشار إلى أن حقوق الإنسان يؤطرها ما يقارب 72 اتفاقية، من ضمنها تسع معاهدات دولية أساسية، تضع على عاتق الدول التزاما قانونيا بموجبها تتعهد بتقديم تقارير دورية عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ أحكام المعاهدات، بل الأكثر من ذلك تلتزم الدول بإدماج بعد حقوق الإنسان في السياسات العمومية وملائمة التشريعات الوطنية مع آلاليات الدولية ورصد ميزانيات كإجراءات فعلية على مستوى تتبع التمتع الفعلي بهذه الحقوق.
تحدي آخر لا يقل أهمية تناوله الأستاذ عبد العزيز قراقي يتعلق بالتطور التكنولوجي، وما أفرزه من تناقض بين الحرية الفكرية والحق في الوصول للمعلومة، باعتبارها شروطا موضوعية لمبادئ حقوق الإنسان، وبين التسيب والمساس بالحياة الخاصة للأفراد، وأخيرا التحدي المتعلق بالتغيّرات المناخية الذي تشهده الأرض، وما أنتجته من زيادة الكوارث الطبيعية كالفيضانات والأعاصير والتصحر، وربما غرق بعض المناطق لارتفاع منسوب مياه البحار، وهذا سيؤدي حتماً إلى تشريد عدد هائل من الأفراد، مما يؤثر سلبا على تكريس حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية,
وفي المحور المتعلق بالحق في المدينة أشار الأستاذ المتدخل إلى مجموعة من الإكراهات، التي تعيق التكريس الفعلي للحق في المدينة . منها على سبيل المثال:
– الفقر والتفاوتات والفـوارق الاجتماعيـة والمجاليـة، بمختلف أشـكالها، والتي مـا فتئـت تؤثر بشـكل كبيـر علـى التماسـك الاجتماعـي لبلادنـا. وكذا الولوج إلى الحقوق الأساسية للمواطن.
– الإفلات من العقاب، مما أضحت معه على سبيل المثال ظاهرة الترامي على الملك العام مبعث استياء العديد من المواطنين، ومصدر إزعاج للسكان.
– ضعف المؤسسات التمثيلية وغياب ثقافة المشاركة المواطنة، واقتصارها على اللحظة الانتخابية، دون استثمار الآليات والمساحات الممكنة التي توفرها الديمقراطية التشاركية على المستوى الترابي.
وفي المداخلة الثانية للدكتور أحمد حضراني: أستاذ التعليم
العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس
ورئيس مركز الدراسات في الحكامة والتنمية الترابية، استهلها بكلمات
الشكر والترحيب والتنويه بالجهة المنظمة والمشاركين وتضحيات المتدخلين والحضور، وتساءل في البداية عن وجود سياسة للمدينة وحاول الإجابة عن هذا التساؤل من خلال تناول السياق الدولي لإعلان الحق في التنمية الذي تبنته جمعية الأمم المتحدة سنة 1986، والتزايد المهول لساكنة الحواضر، وقدم في هذا السياق مجموعة من الاحصائيات ، على سبيل المثال ما تضمنه التقرير الاممي الذي يؤكد إن 55% من سكان العالم اليوم يعيشون في المناطق الحضرية، وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع إلى 68% بحلول عام 2050، وحسب الأستاذ المتدخل فان المغرب لم يشد عن هذه القاعدة ، فحسب الاحصاء الرسمي للسكان والسكنى لسنة 2014 ،فق عرف معدل التمدن بالمغرب ارتفاعا مستمرا بلغ 60,3 % سنة 2014, ويؤكد الأستاذ أحمد حضراني على أن التوسع الحضري يستلزم سياسات دامجة، تضمن الوصول إلى البنية التحتية والخدمات الاجتماعية للجميع، مع التركيز على احتياجات فقراء الحضر والفئات الضعيفة الأخرى للإسكان والتعليم والرعاية الصحية فضلا عن العمل اللائق والبيئة الآمنة.
وفي المحور الثاني المتعلق بالحق في المدينة، ركز الأستاذ المتدخل على التأصيل المفاهيمي والتاريخي والديني لمفهوم المدينة، وتساءل عن مدى تملك المواطن على العموم وساكنة الدار البيضاء على الخصوص الحق في المدينة ؟ ويؤكد إن المدينة ليست مجال جغرافي أو استيطان بشري فقط ،بل هي فضاء للعيش المشترك والتجسيد الفعلي للحقوق السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية ( حقوق الملزم، الخدمات الإدارية، بيئة سليمة،الحق في الانتخابات، الحق في تقديم العرائض).
وفي الأخير تناول الأستاذ أحمد حضراني تشخيص مختصر عن واقع مدينة الدار البيضاء، وحاول رصد أهم المشاكل البنيوية الاجتماعية منها والاقتصادية والبيئية التي تعيشها هذه المدينة، وقدم وصفا دقيقا لواقع الحاضرة المؤلم، وبين الأسباب المؤدية إليه وتداخلها، في تجل واضح لضعف الحكامة على مستوى المجالس المنتخبة وكافة المصالح ، وكذا الصمت المطبق والسلبية التي تعيشها هيئات المجتمع المدني. وغياب ثقافة التكافل والتعاون والتضامن والاحترام المتبادل بين المواطنات والمواطنين، وهذا ما يمس بثقافة التمدن، وفي الختام تساءل المتدخل هل نملك فعلا حواضر أم فقط كتل إسمنتية مسماة مجازا مدن؟
وفي المداخلة الأخيرة تناول الكلمة الأستاذ المصطفى بلعوني
الكاتب العام لجمعية ملتقى الذاكرة والتاريخ، وأكد على تحفظه
من الحق في المدينة، وتساءل هل نملك مدنا بالفعل ؟ وأجاب عن
هذا التساؤل بمنطق فلسفي ينسجم مع اهتمامه وتكوينه، وأكد على أنه وإن كانت المدن موجودة بالقوة فإنها غائبة بالفعل، انسجاما مع ما قدمه المتدخلون السابقون من تشخيص سوداوي لمدينة الدار البيضاء كنموذج لمدن المغرب، وما تعيشه من تناقضات بنيوية على جميع الأصعدة ، جعلت من ضواحيها نقط سوداء . واقترح القيام بدراسة ميدانية تشخصية للبحث عن الحلول الملائمة لواقع متردي.
توصيات الندوة :
– الحد من التفاوتات الصارخة بين مختلف المناطق؛
– إلغاء مظاهر التمييز المجالي في المدن؛
– إعمال سياسات ومقاربات استباقية لمواجهة العنف بمختلف أنواع ؛
– الحد من ظاهرة الإفلات من العقاب بالنسبة للمترامين على الملك العمومي خاصة المجالات الخضراء؛
– تعزيز الديمقراطية التشاركية؛
– تجنيح ظاهرة الضجيج؛
– إخراج ميثاق المدن؛
– الولوج المنصف للخدمات العمومية؛
– إعادة توزيع الثروة على سائر الجهات والأقاليم والمجالس الترابية؛
– التشوير بالمدن،وجعل المدينة تتكلم .
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…