في الذاكرة.. حبيبة المذكوري فنانة برعت في زمن هيمنة تشخيص الذكور
الجديد نيوز: إعداد أسامة بيطار
بصوتها المتميز وإطلالتها البهية الأنيقة والمتألقة تميزت، وفي أدائها لأدوار مختلفة وشخصيات متنوعة بزغت وتألقت…
هي الفنانة التي تعد واحدة من جيل الرواد “حبيبة المذكوري”، ممثلة مغربية قديرة بشهادة كل من واكب مسيرتها الفنية التي امتدت لعقود، وباعتراف كل من شاركها أدوارها التمثيلية المتنوعة.
ولدت سنة 1927، وتعدّ من النساء الأوائل التي وطأت أقدامهن خشبة المسرح حيث قامت بتشخيص المئات من المسرحيات بالإضافة إلى العديد من الأفلام والمسلسلات التي بصمت بها مسارها الفني الطويل، وأَثْرَت بها الخزانة الفنية المغربية.
وتعد الراحلة “حبيبة المذكوري” واحدة من رواد فن التمثيل المغربي، في وقت كان فيه الفن حكرا على الرجال، إذ اقتحمت هذا المجال خلال النصف الأول من عقد الخمسينات، والحماية الفرنسية تعيش إذاك النزع الأخير، ففرضت الفنانة الراحلة اسمها ضمن الرعيل الأول من الفنانين المغاربة الذين ظهروا في المشهد الفني حينها أمثال الفنانين الراحاين: العربي الدغمي وأحمد الطيب العلج والطيب الصديقي وغيرهم…
كانت بدايتها الفنية من أب الفنون (المسرح)، لكنها نوعت مجالات اشتغالها عندما قدمت أعمالا تشخيصية رائدة للإذاعة في زمنها الذهبي، كما أثرت التلفزيون بأعمال كثيرة، كما اقتحمت وبقوة مجال الشاشة الكبيرة عندما شاركت في عدد من الأعمال السينمائية.
برعت في أداء دور الأم الذي تقمصته بمهارة واحتفظت عبره ببصمة خاصة لدى الجمهور الذي كانت قريبة من واقعه الاجتماعي وثقافته وقيمه وأصالته.
وراكمت الفنانة الراحلة حبيبة المذكوري المئات من الأعمال التي يصعب حصرها، سواء من خلال أدوارها في الإذاعة ضمن فرقة التمثيل العربي للإذاعة المغربية التي شكلت بيتها الفني الأول بامتياز أو على خشبة المسرح أو في الأعمال التلفزيونية والسينمائية في إضافة نوعية منحت تجربتها الفنية مزيدا من التألق.
كانت نقطة انطلاق الراحلة فنيا على يد المخرج والمؤلف الراحل عبد الله شقرون، زوج زميلتها الفنانة الراحلة أمينةرشيد، الذي اختارها إلى جانب وجوه نسائية أثثت فرقة الإذاعة، فاشتغلت معه في أغلب الأعمال التي قدمت على أثير إذاعة المغرب فلمع نجمها إلى جانب نخبة من الممثلين ك: وفاء الهراوي، العربي الدغمي، حمادي عمور، محمد حسن الجندي، حمادي التونسي، عبد الرزاق حكم، وبطبيعة الحال الفنانة الراحلة أمينة رشيد … وغيرهم ممن نحتوا في ذاكرة المغاربة عبر عقود أعمالا خالدة.
وتمكنت الراحلة حبيبة المذكوري بمعية هذه الباقة من الفنانين التي جاءتهم وهي تحمل موهبتها وتؤمن بأن الفن حاجة ورسالة حضارية، وليس استثمارا ومصدرا لتحقيق الربح، جاءت رفقة ثلة من الفنانين من أجل خلق قاعدة متذوقة من الجمهور المغربي لأب الفنون الذي مثل لدى جزء مهم من المغاربة ضربا ضروريا من الحياة الثقافية والاجتماعية، عبر أعمال مقتبسة من ريبيرتوار المسرح العالمي وأخرى تلامس قضايا مستوحاة من الحياة المحيطة بالمغاربة ومن واقعهم المعيش…
كما شاركت الفنانة حبيبة المذكوري في أعمال سينمائية مثل شريط “عندما تسقط الثمار” (1968) و”غدا لن تتبدل الأرض” (1975) و”دموع الندم” (1982) للمخرج الراحل حسن المفتي وبطولة المرحوم محمد الحياني، إضافة إلى شريط “علاش البحر؟” (2006) وغيرها من الأعمال الفنية.
وقد شاركت الراحلة إلى جانب فنانين أجانب وعرب كيحيى شاهين في العديد من الأعمال وحظيت بالتكريم في العديد من المناسبات وبجوائز تقديرية تليق بعطائها الذي ظل يَنْبُضُ بنبض قلبها المولع بالتمثيل إلى غاية 2010 حيث سجلت آخر طلة لها في مسلسل “الشفا” للعلامة القاضي عياض، للمخرجة هاجر الجندي، وشارك فيه نخبة من الممثلين المغاربة والمصريين والسوريين والسعوديين، إلا أن المرض ألزمها الفراش، قبل أن يَخْمِدَ أنفاسها الأخيرة، حيث توفيت الممثلة القديرة يوم الخميس 20 أكتوبر 2011 بمنزلها بالعاصمة الرباط. وووري جثمانها، صباح الجمعة 21 أكتوبر، الثرى بمقبرة الشهداء بالرباط.
وعن رحيلها قال الفنان المسرحي والإذاعي عبد الله شقرون، الذي توفي بعد سنوات على رحيلها، إن “رحيل الفنانة حبيبة المذكوري يعد خسارة كبيرة للفن المغربي، إذ كانت الراحلة تتمتع بمواهب متعددة، وكانت لها القدرة على التأقلم مع مختلف الأجيال التي تعاقبت على فن التمثيل المغربي”.
وأضاف شقرون، الذي كان له الفضل في اكتشاف الراحلة حبيبة المذكوري، أنه “ما من تمثيلية إذاعية ومسرحية ألفها إلا وكان للمذكوري حضور بارز فيها، وذلك بفضل حرصها على تقديم أفضل ما لديها والإخلاص للأدوار التي تسند إليها”.
وأردف المرحوم عبد الله شقرون، الذي يعد قيدوم الإذاعيين والمسرحيين المغاربة، في حديثه عن هاته الفنانة، أن “المرة الأولى التي قابل فيها الراحلة حبيبة المذكوري كانت خلال بداية الخمسينيات، إذ كان مكلفا بانتقاء مجموعة من تلاميذ مجموعة مدارس محمد الخامس للمشاركة في بعض الأعمال المسرحية والإذاعية، فوقع اختياره على المذكوري، التي كانت حينها ما تزال طفلة في مقتبل العمر، بالنظر إلى إجادتها اللغة العربية وتفوقها فيها”.
وذكر شقرون أن الراحلة “شاركت معه في أزيد من 60 جولة مسرحية، وأنها كانت تمتاز بقدرتها على تجسيد الأدوار المركبة وتتمتع بقدرة فائقة على الإلقاء والتمكن من مخارج الحروف يساعدها في ذلك صوتها النفاذ والمبلغ”.
كما كان الراحل عبد الله شقرون أشار في شهادته عن الراحلة إلى موقف نبيل مازال يحتفظ به عن حبيبة المذكوري، إذ سبق لإدارة الحماية أن أوقفت نشاطه الفني إذاعيا ومسرحيا، وكانت الراحلة على رأس المتضامنين معه، إذ خاضت اعتصاما وإضرابا عن الاشتغال في التمثيل احتجاجا على قرار إدارة الحماية.
أما الفنان والشاعر الراحل “أحمد الطيب العلج” فكان بدوره قد قال، في تصريح إعلامي، إن “حبيبة المذكوري كانت ممثلة بمواصفات خاصة، إذ كانت لها قدرة التماهي مع الأدوار التي تجسدها إلى أبعد الحدود، لدرجة أنها كانت تنسلخ عن شخصيتها الأصلية وتبدو شخصا آخر من خلال النماذج الإنسانية التي تقدمها”.
وكانت الفنانة حبيبة المذكوري، كما قال العلج، عاشقة كبيرة للمسرح إذ نذرت نفسها له، وعلى إلمام كبير باللغة العربية وقواعدها وطرق نطقها السليم، كما يتذكر العلج دورها في مسلسل بعنوان “نهار الخميس” جسدت فيه دور امرأة تلقت تهديدا بالقتل، فأدت هذا الدور ببراعة منقطعة النظير.
أما الفنان أنور الجندي فسبق أن قال عنها إنه “برحيل حبيبة المذكوري فقد أمه الثانية، وأنه استفاد كثيرا من تجربة الراحلة التي شاركت معه في جل أعماله طيلة أزيد من 20 سنة الأخيرة، مثل مسرحيات “ستار أكاذيبي” و “ما عندو سعد” إضافة إلى سلسلة دينية بعنوان “الشفا بتعريف حقوق المصطفى” من إخراج هاجر الجندي، كانت قد بثت على قناة السادسة.
كما أكد أنور الجندي أن الراحلة حظيت في سنواتها الأخيرة برعاية ملكية خاصة، وتلقت أسرتها تعازي الملك محمد السادس عن طريق الديوان الملكي.
إيقاف شخص بأكادير لتورطه في الاتجار في الحشيش وترويج الكحول
تمكنت عناصر فرقة محاربة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير، أ…